إلى الاعلى كما هو عادة العرب ، وعليه جرى قوله تعالى «ولا أصغر من ذلك ولا أكبر» (١) وقوله سبحانه «لا تأخذه سنة ولا نوم» (٢) ويحتمل العكس أيضا بأن يكون المراد بالمقاعدة من يلازم القعود كقوله تعالى : «عن اليمين وعن الشمال قعيد» (٣) أو يكون المراد بأحدهما حقيقة المقاعدة ، وبالاخرى مطلق المصاحبة.
وقد ذكروا وجوها من الفرق بين القعود والجلوس ، لكن مناسبته لهذا المقام محل تأمل ، وإن أمكن تحصيلها بتكلف قال في المصباح الجلوس غير القعود فالجلوس هو الانتقال من سفل إلى علو والقعود هو الانتقال من علو إلى سفل ، فعلى الاول يقال لمن هو نائم أو ساجد : اجلس ، وعلى الثاني لمن هو قائم : اقعد ، وقد يكون جلس بمعنى قعد متربعا وقد يفارقه ، ومنه جلس بين شعبها أي حصل وتمكن إذ لا يسمى هذا قعودا فان الرجل حينئذ يكون متعمدا على أعضائه اللاربع ، ويقال جلس متكئا ولا يقال قعد متكئا بمعنى الاعتماد على أحد الجانبين وقال الفارابي وجماعة : الجلوس نقيض القيام فهو أعم من القعود ، وقد يستعملان بمعنى الكون والحصول ، فيكونان بمعنى واحد ، ومنه يقال جلس متربعا وقعد متربعا ، والجليس من يجالسك ، فعيل بمعنى فاعل.
«في فتياه» قيل «في» للتعليل نحو قوله : «فذلكن الذي لمتنني فيه» (٤) وقال الجوهري الرث الشئ البالي ، وقال صد عنه صدودا أعرض ، وصده عن الامر صدا منعه وصرفه عنه ، والمراد بمن يصد عنهم أعم من ذلك المجلس وغيره ، لقوله «وانت تعلم» أي وأنت تعمل أنه ممن يصدعنا ، فان لم تعلم فلا حرج عليك في مجالسته «قال ثم تلا» الضمير في قال راجع إلى كل من الاخ والعم ولذلك تكلف بعضهم وقال الاخ والعم واحد ، والمراد الاخ الرضاعي ولا يخفى بعده «أو قال كفه» الترديد من الراوي أي أو قال مكان في فيه في كفه ، وعلى التقديرين الغرض التعجب
____________________
(١) سبا : ٣. (٢) البقرة : ٢٥٥.
(٣) ق : ١٧. (٤) يوسف : ٣١.