واحدة وزوجها من أحدهم ، والخصاصة الحاجة ، فكيف تستبعد المشاطرة ، وفسر الايثار بأن يعطيه من النصف الاخر فانه زائد عن الحق اللازم للمؤمن ، فهو حقه ، ويؤثر أخاه به ، وكأنه عليهالسلام ذكر أقل مراتب الايثار أو هو مقيد بما إذا كان محتاجا إلى جميع ذلك النصف أو فسر عليهالسلام الايثار مطلقا وإن كان مورد الاية أخص من ذلك للتقييد بالخصاصة.
واعلم أن الايات والاخبار في قدر البذل ، وما يحسن منه ، متعارضة. فبعضها تدل على فضل الايثار ، كهذه الاية ، وبعضها على فضل الاقتصاد كقوله سبحانه «ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا» (١) وكقول النبي صلىاللهعليهوآله «خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى» (٢) وقد يقال إنها تختلف باختلاف الاشخاص ، والاحوال ، فمن قوي توكله على الله ، وكان قادرا على الصبر على الفقر والشدة ، فالايثار أولى بالنسبة إليه ، ومن لم يكن كذلك كأكثر الخلق ، فالاقتصاد بالنسبة إليه أفضل.
وورد في بعض الاخبار أن الايثار كان في صدر الاسلام لكثرة الفقراء ، وضيق الامر على المسلمين ثم نسخ ذلك بالايات الدالة على الاقتصاد ، وهذا لا ينافي هذا الخبر ، لانه يكفي لرفع استبعاده كون الايثار مطلوبا في وقت ما لكن المشاطرة أيضا ينافي الاقتصاد غالبا إلا إذا حمل على مالم يضر بحاله.
وفيه إشكال آخر وهو أنه إذا شاطر مؤمنا واحدا واكتفى بذلك فقد ضيع حقوق سائر الاخوان ، وإن شاطر البقية مؤمنا آخر وهكذا ، فلا يبقى له شئ إلا أن يحمل على المشاطرة مع جميع الاخوان كما روي أن الحسن عليهالسلام قاسم ماله مع الفقراء مرارا ، أو يخص ذلك بمؤمن واحد أخذه أخا في الله كما واخى النبي صلىاللهعليهوآله بين سلمان وأبي ذر وبين مقداد وعمار ، وبين جماعة من الصحابة متشابهين في المراتب والصفات ، بل يمكن حمل كثير من أخبار هذا الباب على هذا القسم من الاخوة
____________________
(١) أسرى : ٢٩.
(٢) راجع الكافى باب فضل المعروف من كتاب الزكاة ج ٤ ص ٢٦.