وبين ربهم؟ فمن أراد الله أن يخرجه من ظلمة إلى نور أخرجه ثم قال : ولا عليك إن آنست من أحد خيرا أن تنبذ إليه الشئ نبذا ، قلت : أخبرني عن قول الله عزوجل :« ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا » قال : من حرق أو غرق ، ثم سكت ثم قال : تأويلها الاعظم إن دعاها فاستجابت له (١).
بيان : قوله» كنت على حال «كأنه كان قبل أن ينهاه عليهالسلام من دعوة الناس تقية يدعو الناس ، وبعد نهيه عليهالسلام ترك ذلك وكان ذكر ذلك رجاء أن يأذنه فقال عليهالسلام :« وما عليك » إما على النفي أي لا بأس عليك أو الاستفهام الانكاري أي أي ضرر عليك» أن تخلي «أي في أن تخلي أي اتركهم مع الله ، فان الله يهديهم إذاعلم أنهم قابلون لذلك» فمن أراد الله أن يخرجه «إشارة إلى قوله تعالى« الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور » (٢) أي من ظلمة الكفر والضلال والشك إلى نور الايمان واليقين ، وقيل إشارة إلى قوله سبحانه« فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام » (٣) والحاصل أن سعيك في ذلك إن كان للاغراض الدنيوية ، فهو مضر لك ، وإن كان لثواب الاخرة فالثواب في زمن التقية في ترك ذلك ، وإن كان للشفقة على الخلق فلا ينفع سعيك في ذلك ، فانه إذا كان قابلا للتوفيق يوفقه الله بأي وجه كان ، بدون سعيك وإلا فسعيك أيضا لا ينفع.
ثم استثنى عليهالسلام صورة واحدة فقال :« ولا عليك » أي ليس عليك بأس» إن آنست «أي أبصرت وعلمت ، في القاموس آنس الشئ : أبصره وعلمه وأحس به « من أحد خيرا» كأن تجده لينا غير متعصب طالبا للحق وتأمن حيلته وضرره «أن تنبذ إليه الشئ» أي ترمي وتلقي إليه شيئا من براهين دين الحق نبذا يسيرا موافقا للحكمة ، بحيث إذا لم يقبل ذلك يمكنك تأويله وتوجيهه ، في القاموس النبذ طرحك الشئ أمامك أو وراءك أو عام ، والفعل كضرب ، قوله عليهالسلام «إن دعاها» لما كانت
____________________
(١) الكافى ج ٢ ص ٢١١ ، والاية في المائدة : ٣٢.
(٢) البقرة : ٢٥٧.
(٣) الانعام : ١٢٥.