التهلكة ، وتكون شريكا له فيما يأتي إليك من سوء.
وحق سائسك بالعلم التعظيم له ، والتوقير لمجلسه ، وحسن الاستماع إليه ، و الاقبال عليه ، وأن لا ترفع عليه صوتك ، ولا تجيب أحدا يسأله عن شئ حتى يكون هو الذي يجيب ، ولا تحدث في مجلسه أحدا ولا تغتاب عنده أحدا وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء وأن تستر عيوبه (١) وتظهر مناقبه ولا تجالس له عدوا ولا تعادي له وليا فاذا فعلت ذلك شهد لك ملائكة الله بأنك قصدته ، وتعلمت علمه لله جل اسمه لا للناس.
فأما حق سائسك بالملك فأن تطيعه ولا تعصيه إلا فيما يسخط الله عزوجل فانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وأما حق رعيتك بالسلطان فأن تعلم أنهم صاروا رعيتك لضعفهم وقوتك فيجب أن تعدل فيهم وتكون لهم كالوالد الرحيم ، وتغفر لهم جهلهم ، ولا تعاجلهم بالعقوبة ، وتشكر الله عزوجل على ما آتاك من القوة عليهم.
وأما حق رعيتك بالعلم فأن تعلم أن الله عزوجل إنما جعلك قيما لهم فيما آتاك من العلم وفتح لك من خزائنه (٢) فان أحسنت في تعليم الناس ، ولم تخرق بهم ، ولم تضجر عليهم ، زادك الله من فضله ، وإن أنت منعت الناس علمك أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك كان حقا على الله عزوجل أن يسلبك العلم وبهاءه ويسقط من القلوب محلك.
وأما حق الزوجة فأن تعلم أن الله عزوجل جعلها لك سكنا وانسا فتعلم أن ذلك نعمة من الله عليك فتكرمها وترفق بها ، وإن كان حقك عليها أوجب فان لها عليك أن ترحمها لانها أسيرك وتطعمها وتكسوها وإذا جهلت عفوت عنها.
وأما حق مملوكك فأن تعلم أنه خلق ربك وابن أبيك وامك ولحمك و دمك تملكه ، لا أنت (٣) صنعته من دون الله ولا خلقت شيئا من جوارحه ، ولا أخرجت
____________________
(١) عورته خ ل.
(٢) خزانة الحكمة خ ل. (٣) في المطبوعة : لم تملكه لانك.