ومع كل هذه المساعي المشكورة من أولئك تأليفا ومن هؤلاء بحثا ، وتعقيبا ؛ فقد أخفى التأريخ عنّا الكثير الكثير من قؤلاء الأعلام بالرغم من التتبّع والسعي الّذي قام به جمهرة من الباحثين ـ المشهود لهم بالبحث والتنقيب ـ .. إذ أخفي عنّا أسماء صريحة لعناوين مستعارة ، أو كتب مؤلّفة بأسماء غير واقعيّة.
* * *
والّذي نراه أنّ الأسباب والحوافز الّتي دعت العلماء والكتّاب المعاصرين الى التستّر وراء أسماء مستعارة ، أو إخفاء أسمائهم عمّا جرت به أقلامهم لا تختلف كثيرا عمّا اعتصم به القدماء من الاُدباء والشعراء في التخفّي والتعمية ، وعدم دعم بنات أفكارهم بإمضاء صريح ، أو اسم كامل يكشف عن شخصيتهم الحقيقيّة.
وقد يكون الإخفاء تاماً كما هو الغالب ، وقد يكون ناقصا ، كما لو ذكر اسمه الغير مشهور به ، أو أبدل الإسم بكنيته الواقعية ، أو تركه للقبه المعروف به بلقب آخر يشير إليه كمسقط رأسه ، أو معهد درسه .. أو غير ذلك ، وكذا ما لو اكتفى بذكر اللقب أو النسبة العامة دون تحديد المتلبس بها.
ولندرج بعض الدواعي الّتي تدعو الى التسميات المستعارة ، ونلخصها في النقاط التالية :
منها : أنّه قد يعمد الكاتب الى التخفّي بلحاظ مركزه في الهيأة الإجتماعية أو العلمية أو الدينية المرموقة التي يراها المجتمع له ، سواء أكان من رجال الدين أو الدنيا ، سياسيّا كان أو عسكريا ، ولذا تراه يعتصم بالتعمية والتستّر ليكون ذلك مدعاة له الى التعبير عمّا يجول في خواطره من أفكار أو آراء مع حفظ موقعيته.
ومنها : أنّه قد يلتجأ الى التستّر لمصلحته الماديّة الصرفة الّتي تدعوه الى الاختفاء وراء اسم أو أسماء مستعارة إيهاما للناس بأنهم أمام أشخاص