الصريح وراء رموز أو إشارة خاصّة ، أو ينشر كتابه باسم مستعار ، بل قد يترك مكتوبه أو مقاله بدون اسم ظاهر أو توقيع صريح .. وكلّ هؤلاء على بيّنة كاملة ؛ من أن فقد البحث العلمي أو الأدبي للاسم الصريح يقلّل من قيمته وينقص من شأنه ـ مع أنهم قالوا : اُنظر الى ما قال لا من قال ـ ولذا تراهم يلتجئون الى مثل هذه الطرق الملتوية ، وذلك لأهداف تدعوهم الى ذلك.
وهذا ما حدث فعلا لجمع من الأعلام على مرّ التأريخ والى يومك هذا ، إذ نجد إطلاق اسم النجفي أو التبريزي أو الحائري على جمع ؛ أسماؤهم الواقعية المثبتة غير ذلك ، وبمرور الزمن يعرفون بالاسم الجديد ويقبر القديم.
وقد تنضم الى كلّ هذه دواعي اُخر وحوافز تدعو الكُتّاب والعلماء الى التستّر وراء أسماء غير واقعيّة كالتقيّة والخوف من الجهاز الحاكم والسلطة السياسيّة أو الدينّية ، أو التشرف بالأنتساب الى بلد معين أو مذهب أو فرد أو نحو ذلك.
* * *
وبعد كلّ هذا ؛ فالّذي نعتقده في غالب علمائنا الأبرار وأعلامنا الكُبار ممّن كتب في العقيدة ودافع عن المذهب .. ـ ومنهم مؤلف كتابنا هذا ـ هو أنّهم توخّوا بأعمالهم مرضاة الرب ـ جلّ وعلا ـ هربا من السمعة والرياء ، وطلبا للخلوص والإخلاص ليوم الخلاص ، لا يحدوهم إلاّ الحق ، ولا يهدفون إلاّ إيصال الكلمة الطيّبة إتماما للحجة ، وإلقاءً للعذر ، ودفاعا عن حريم الحقّ والحقيقة ، من دون أن يقصدوا من وراء ذلك أن يُعرفو أو يعرّفو .. بل تراهم يتشدّدون في التكتّم والإخفاء كي يكون عملهم أكثر خلوصا وأبعد عن الهوى والرياء ..
* * *
ثم إنه يحلو لنا الحديث عن موضوعين آخرين ـ قلّ من تعرّض لهما دراسة