وقال تعالى : فأقرؤا ما تيسر منه.
تفسير : ( فاذا قرأت القرآن ) أي أردت قراءته ، ونقل عليه الاجماع ، قال في ____________________
سوره وترتيله سورة سورة ، خصوصا في مستقبل أمركم حيث ينزل عليكم سائر القرآن بسوره السبع الطوال والمثانى والمئين والمفص ) فتاب عليكم ( وخفف عنكم حيث كتب على نفسه الرحمة من تشريع دين سمحة سهلة ) فاقرؤا ما تيسر ما القرآن ( أى فلا يلزمكم بعدئذ أن ترتلوا القرآن بتمامه سورة بعد سورة ، بل اقرؤا ما تيسر لكم من سور القرآن ، كل بحسب حاله وفراغه وذكره حتى لا يختل عليكم أمر المعاد والمعاش ، والنوم واليقظة.
فالمراد من قوله عزوجل : ( ما تيسر من القرآن ) بقرينة لفظ اليسر والمقابلة بقوله ( علم أن لن تحصوه ) هو سورة كاملة يتيسر قراءتها ويكون تذكرها وحفظها وتعلمها وترتيلها سهلا يسيرا ، كل على حسب حاله ، كما صرح بذلك في قوله عزوجل : ( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ) حيث نزل القرآن سورة سورة وجعل لكل سورة نسقا ونضدا في ترتيب آياتها ، فمن كان ذا ذكر قوى يقدر أن يحفظ أمثال سورة البقرة من السبع الطوال ، ومن كان على دون ذلك يحفظ أمثال سورة الحجر من المئين ومن كان دون ذلك يحفظ أمثال سورة الرحمن من المفصل ، ومن كان يغلب عليه النسيان فلا أقل من أنه يحفظ السور القصار.
وقد كان تنبه لذلك من المتقدمين ابن سيرين حيث قال لرجل : لا تقل سورة خفيفة ، ولكن قل سورة ميسرة لان الله يقول : ( ولقد يسرنا القرآن للذكر ) أخرجه ابن المنذر عنه على ما في الدر المنثور ج ٦ ص ١٣٥.
ثم قال عزوجل : علم أن سيكون منكم مرضى ( فيشغله هم الوجع من قراءة القرآن ) وآخرون يضربون في الارض ( عند أسفارهم ) يبتغون من فضل الله ( فليس لهم كثير فراغ ) وآخرون يقاتلون في سبيل الله ( اشارة إلى ما سيؤل اليه أمر الامة بالقتال مع المشركين فيخافون أن يفتنهم الذين كفروا ) فاقرؤا ماتيسر منه ( في هذه الحالات ، فانه لا أقل من قراءة سورة واحدة خفيفة يسيرة كسورة النصر ثلاث آيات ، ومن رغب عن قراءة القرآن مطلقا فلا صلاة له على أى حالة كانت.
ولا يذهب عليك أن هذا الحكم كان قبل نزول قوله تعالى في سورة الحجر :