فمتى أصليها؟ قال : ما بين المغرب والعشاء (١).
بيان : الظاهر أن هذه الصلاة هي نافلة المغرب فان ركعتين منها آكد كما مر ، ويجوز الاكتفاء في النوافل بالحمد فقط لا سيما عند ضيق الوقت ، بل يحتمل في بعض النوافل المتقدمة أيضا أن يكون كيفية مستحبة لنافلة المغرب ، وهذه الاخبار مما يؤيد جواز إيقاع التطوع بعد دخول وقت العشاء (٢) إذ لا يفي الوقت بجميعها ،
____________________
(١) فلاح السائل ص ٢٤٨.
(٢) هذه الاخبار مع ضعف سندها تخالف سنة النبي صلىاللهعليهوآله في أعداد النوافل من جهة وفي تعيين أوقات الصلوات اخرى ، وقد عرفت فيما سبق مرارا أن الله لا يعذب على كثرة الصيام والصوم ، ولكنه يعذب على ترك السنة.
وذلك لان المراد بالسنة كما عرفت في ج ٨٢ ص ٢٩٥ سيرته العملية المتخذة باشارات القرآن العزيز كما وكيفا زمانا ومكانا فمن خالف سنته كما فأتى بالنوافل أكثر مما سنه صلىاللهعليهوآله أو كيفا فأتى بها بتطويل الركوع في ليلة مع تخفيف سائرها وتطويل السجود في ليلة أخرى يتخذها سيرة لنفسه ويقول يا فلان هذه ليلة الركوع وهذه ليلة السجود مثلا ، أولا يفصل بين كل ركعتين بتشهد وسلام ، أو يقرء عشر سور في ركعة واحدة يلتزم بها وغير ذلك مما يكثر تعداده.
أو خالف سنته صلىاللهعليهوآله زمانا فأتى بالنوافل في وقت الفرائض المختص بها ، أو مكانا فأتى بها في المسجد علانية يلتزم بها ، وقد كان صلوات الله عليه يأتى بها في داره الا نوافل شهر رمضان على ما سيأتى في محله.
فمن خالف سنته صلىاللهعليهوآله باحدى هذه الصور فقد أتى بأمر من عنده محدث ، « وكل محدث بدعة ، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ».
وهذا هو المراد بقوله عليهالسلام « ما أحدثت بدعة الا ترك بها سنة » وذلك لان السنة قد تترك رأسا ، كمن ترك النوافل من دون تهاون واستخفاف بها ، فلا حرج عليه ، لما قد صح عنه عليه الصلاة والسلام : « ... وسنة في غير فريضة الاخذ بها فضيلة وتركها إلى غير خطيئة ».