منه في صلاة المغرب والعشاء وتوابعهما ، فكأنه يدخل في حكم القيام حينئذ فكان كما قال : « قليلا من الليل ما يهجعون » انتهى.
وأقول : يحتمل أن يكون المراد بقوله سبحانه : « قم الليل » الامر بعبادة الليل مطلقا ليشمل مايقع في أول الليل من العشائين ونوافلهما وتعقيباتهما (١) بل الادعية عند النوم أيضا ، وقوله : « نصفه » نقدر فيه فعلا اي قم نصفه بمعنى القيام بعد النوم ، فيكون إشارة إلى وقت صلاة الليل ، فانه بعد نصف الليل ، والنقص من النصف لبيان أنه لا يجب أو لا يتأكد قيام تمام النصف ، كما يدل عليه آخر السورة ، والزيادة لصرفها في مقدمات الصلاة من التخلي والتطهر والاستياك ، و فيصرف جميع النصف في الصلاة والدعاء كماستأتي الرواية من دأبه وسنته في ذلك (٢) ، وإذا انضم هذا الى ما وقع من العبادة في أول الليل لا يبقي من الليل للنوم إلا قليل.
وهذا وجه وجيه متين مؤيد بالاخبار ولا تكلف فيه إلا التقدير الشايع في الكلام ، وبالجملة هذه الآيات من المتشابهات ولا يعلم تأويلها إلا الله والراسخون في العلم عليهم أفضل الصلوات.
« ورتل القرآن ترتيلا » قد مر تفسيره (٣).
« إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا » القول الثقيل القرآن ، ومافيه من الاوامر و
____________________
صريحا ، فلا مناص الا من الوجه الاول كما عرفت بيانه.
(١) هذا الوجه انمايصح اذا كانت السورة نازلة في أواخر عمره صلىاللهعليهوآله ، وقد عرفت في ج ٨٥ ص ٤١ أن السورة نزلت في أوائل البعثة قبل فرض الصلوات الخمس حتى على رسول الله صلىاللهعليهوآله وأنها نزلت خامس خمسة ، ففرض عليه صلاة الليل بقيام نصفه تماما أو ثلثه أو ثلثيه ، لا يجوز له أن ينام بعد القيام أبدا حتى يتم فرضه.
(٢) قد عرفت وستعرف أن الروايات انما تحكى مافرض عليه بعد نزول آية التهجد وهى السنة التي قبض عليها صلىاللهعليهوآله ويجب التاسى به على أمته كذلك.
(٣) راجع ج ٨٥ ص ٧.