ولا متكلم ولا مريد ولا متحرك ولا فاعل ، عزوجل ربنا.
فجميع هذه الصفات محدثه غير حدوث الفعل منه ، عزوجل ربنا ، والقرآن كلام الله غير مخلوق ، فيه خبر من كان قبلكم ، وخبر ما يكون بعدكم ، انزل من عندالله على محمد رسول الله صلىاللهعليهوآله (١).
قال الصادق رحمه الله : كأن المراد من هذا الحديث ما كان فيه من ذكر القرآن ، ومعنى ما فيه أنه غير مخلوق أي غير مكذوب ، ولا يعني به أنه غير محدث ، لانه قد قال : محدث غير مخلوق ، وغير أزلي مع الله تعالى ذكره وقال أيضا : قد جاء في الكتاب أن القرآن كلام الله ، ووحي الله ، وقول الله وكتاب الله ، ولم يجئ فيه أنه مخلوق ، وإنما امتنعنا من إطلاق المخلوق عليه لان المخلوق في اللغة قد يكون مكذوبا ، ويقال : كلام مخلوق أي مكذوب قال الله تبارك وتعالى : ( إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ) (٢) أي كذبا ، وقال عزوجل حكاية عن منكري التوحيد : ( ما سمعنا بهذا في الملة الاخرة إن هذا إلا اختلاق ) (٣) أي افتعال وكذب ، فمن زعم أن القرآن مخلوق بمعنى أنه مكذوب فقد كذب ، ومن قال : إنه غير مخلوق بمعنى أنه غير مكذوب فقد صدق وقال الحق والصواب ، ومن زعم أنه غير مخلوق بمعنى أنه غير محدث وغير منزل وغير محفوظ ، فقد أخطأ وقال غير الحق والصواب.
وقد أجمع أهل الاسلام على أن القرآن كلام الله عزوجل على الحقيقة دون المجاز ، وأن من قال غير ذلك فقد قال منكرا وزورا ، ووجدنا القرآن مفصلا وموصلا ، وبعضه غير بعض ، وبعضه قبل بعض ، كالناسخ التي يتأخر عن المنسوخ ، فلولم يكن ما هذه صفته حادثا بطلت الدلالة على حدوث المحدثات ، وتعذر إثبات محدثها ، بتناهيها وتفرقها واجتماعها.
وشئ آخر : وهو أن العقول قد شهدت ، والامة قد أجمعت : أن الله
____________________
(١) التوحيد : ١٥٨.
(٢) العنكبوت : ١٧.
(٣) سورة ص ١.