يصلحون به في دنياهم ، ولاغراضهم التي بسببها يحتاجون إلى النبي صلىاللهعليهوآله ولم يشترطوا ظهور معجزة عليه ، وذكر بعضهم أن ظهور المعجز عليه لا يوصل إلى العلم اليقيني أنه صادق لانه يظن في المعجز أنه سحر ، وأنه حيلة نحو انشقاق القمر فأما إذا علم مطابقة ما أتى به لمصالحهم الدنيا وية فهو طريق العوام والمتكلمين.
وأما العلم بمطابقة شرعه للمصالح الدنيا وية فهو طريقة المحققين ، وقد حكي عنهم أنهم قالوا إن صدق المدعي لصنعة من الصنايع إنما تظهر إذا أتى بتلك الصنعة التي ادعى العلم بها ، ومثله على الناقل بمن ادعى حفظ القرآن ثم قرء ، وادعى آخر حفظ القرآن فاذا قيل له : ما دليلك على أنك تحفظ القرآن قال دليلي أني اقلب العصاحية وأشق القمر نصفين ثم فعلهما ، ومن ادعى حفظ القرآن فاذا قيل له ما دليلك على حفظك له قرأ كله فان علمنا بحفظ هذا القرآن يكون أقوى من علمنا بحفظ الثاني للقرآن ، لانه يشتبه الحال في معجزاته ، فيظن أنه من باب السحر أو أنه طلسم ، ولا تدخل الشبهة في حفظ القاري للقرآن.
فصل : فيقال لهؤلاء : وبماذا علمتم مطابقة ما أتى به النبي صلىاللهعليهوآله من الشرايع للمصالح ، ونعرض الكلام في شريعة نبينا عليهالسلام لانكم ونحن نصدقه في النبوة وصحة شرعه ، بطريقة عقليه علمتم المطابقة أم بطريقه سمعية؟ فان قالوا : بطريقة عقليه قيل لهم إن من جملة ما أتى به من الشرائع وجوب الصلوات الخمس ، وصوم شهر رمضان ، ووجوب أفعال الحج فما تلك الطريقة التي علمتم بها بمطابقتها للمصلحة أظفر تم بجهة وجوب لها في العقل وحمكتم لذلك بوجوبها أم ظفر تم بحكم في العقل يدل على وجوبها نحو أن تقول علمنا من جهة العقل أن من لم يصل هذه الصلوات بشروطها في أوقاتها فانه يستحق الذم من العقلاء ، كما يستحق الذم من لم يرد الوديعة على صاحبها ، بعد ما طولب بردها ولا عذر له في الامتناع عن ذلك.
والقول به باطل لانا لانجد في عقول العقلاء العلم بجهة وجوب شهر رمضان دون العيدين وأيام التشريق على وجه لا يجوز ولا لصلاة الظهر على شروطها بعد الزوال جهة