ما بينكم (١).
وقال عليهالسلام في خطبة طويلة يذكر فيها بعثة الانبياء عليهمالسلام قال عليهالسلام : إلى أن بعث الله سبحانه محمدا صلىاللهعليهوآله لا نجاز عدته ، وتمام نبوته ، مأخوذا على النبيين ميثاقه ، مشهورة سماته (٢) كريما ميلاده ، وأهل الارض يومئذ ملل متفرقة وأهواء منتشرة ، وطرائق متشتتة ، بين مشبه لله بخلقه ، أو ملحد في اسمه ، أو مشير إلى غيره ، فهداهم به من الضلالة ، وأنقذهم بمكانه من الجهالة.
ثم اختار سبحانه لمحمد صلىاللهعليهوآله لقاء ورضي له ما عنده ، فأكرمه عن دار الدنيا ، ورغب به عن مقام البلوى ، فقبضه إليه كريما ، وخلف فيكم ما خلفت الانبياء في اممها ، إذ لم يتركوهم هملا ، بغير طريق واضح ، ولا علم قائم كتاب ربكم مبينا حلاله وحرامه ، وفرائضه وفضائله ، وناسخه ومنسوخه ورخصه وعزائمه ، وخاصه وعامه ، وعبره وأمثاله ، ومرسله ومحدوده ، ومحكمه ومتشابهه ، مفسرا جملته ، ومبينا غوامضه.
بين مأخوذ ميثاق علمه ، وموسع على العباد في جهله ، وبين مثبت في الكتاب فرضه ، معلوم في السنة نسخه ، وواجب في السنة أخذه ، مرخص في الكتاب تركه وبين واجب بوقته ، وزائل في مستقبله.
ومباين بين محارمه ، من كبير أو عد عليه نيرانه ، أو صغير أرصد له غفرانه وبين مقبول في أدناه ، وموسع في أقصاه (٣).
وقال عليهالسلام : وكتاب الله بين أظهركم ناطق لا يعيا لسانه ، وبين لا تهدم أركانه ، وعز لا تهزم أعوانه (٤).
____________________
(١) نهج البلاغة الرقم ٣١٣ من الحكم.
(٢) السمات جمع سمة : العلامة ، وهى التى ذكرت في الكتاب السالفة المبشرة به.
(٣) نهج البلاغة في أواخر الخطبة الاولى.
(٤) نهج البلاغة الرقم ١٣١ من الخطب.