فقال : يا أبا بصير ، إنا قد شرطنا لهم شرطا ونحن وافون لهم بشرطهم ، والله سيجعل لك مخرجا ، فدفعه إلى الرجلين.
فخرج معهما فلما بلغوا ذا الحليفة أخرج أبا بصير جرابا كان معه فيه كسر وتمرات ، فقال لهما : ادنوا فأصيبا من هذا الطعام فامتنعا ، فقال : أما لو دعوتماني إلى طعامكما لاجبتكما ، فدنيا فأكلا ومع أحدهما سيف قد علقه في الجدار ، فقال له أبوبصير : أصارم سيفك هذا؟ قال : نعم ، قال : ناولنيه فدع إليه قائمة السيف فسله فعلاه به فقتله وفر الاخر ورجع إلى المدينة فدخل إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : يا محمد إن صاحبكم قتل صاحبي وماكدت أن أفلت منه إلا بشغله بسلبه.
فوافى أبوبصير ومعه راحلته وسلاحه فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا أبا بصير اخرج من المدينة فان قريشا تنسب ذلك إلي فخرج إلى الساحل وجمع جمعا من الاعراب ، فكان يقطع على عير قريش ويقتل من قدر عليه ، حتى اجتمع إليه سبعون رجلا ، وكتبت قريش إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وسألوه أن يأذن لابي بصير وأصحابه في دخول المدينة ، وقد أحلوه من ذلك ، فوافاه الكتاب وأبوبصير قد مرض وهو في آخر رمق ، فمات وقبره هناك ودخل أصحابه المدينة.
وكانت هذه سبيل من جاءه ، وكانت امرأة يقال لها : كلثم بنت عقبة بمكة وهي بنت عقبة بن أبي معيط مؤمنة تكتم إيمانها ، وكان أخواها كافرين أهلها يعذبونها ويأمرونها بالرجوع عن الاسلام ، فهربت إلى المدينة ، وحملها رجل من خزاعة حتى وافى بها إلى المدينة ، فدخلت على ام سلمة زوج النبي صلىاللهعليهوآله فقالت : يا ام سلمة إن رسول الله صلىاللهعليهوآله قد شرط لقريش أن يرد إليهم الرجال ولم يشرط لهم في النساء شيئا ، والنساء إلى ضعف ، وإن ردني رسول الله صلىاللهعليهوآله إليهم فتنوني وعذبوني وأخاف على نفسي فاسألي رسول الله صلىاللهعليهوآله أن لا يرد ني إليهم.
فدخل رسول الله صلىاللهعليهوآله على ام سلمة وهي
عندها فأخبرته ام سلمة خبرها
فقالت : يا رسول الله هذه كلثم بنت عقبة ، وقد فرت بدينها ، فلم يجبها رسول الله
صلىاللهعليهوآله
بشئ ، ونزل عليه الوحي : ( يا أيها الذين آمنوا
إذا جائم