اصفرار من رياض جنات الدنيا ، ويبس من أغصانها ، وانتشار من ورقها ، ويأس من ثمرتها ، واغورار من مائها.
قد درست أعلام الهدى ، وظهرت أعلام الردى ، والدنيا متجهمة في وجوه أهلها ، مكفهرة ، مدبرة غير مقبله ، ثمرتها الفتنة ، وطعامها الجيفة ، وشعارها الخوف ، ودثار ها السيف ، قدمزقهم كل ممزق ، فقد أعمت عيون أهلها ، وأظلمت عليهم أيامها ، قد قطعوا أرحامهم ، وسفكوا دماءهم ، ودفنوا في التراب الموؤدة بينهم من أولادهم ، يختار دونهم طيب العيش ، ورفاهية خفوض الدنيا ، لا يرجون من الله ثوابا ، ولا يخافون والله منه عقابا ، حيهم أعمى نجس ، وميتهم في النار مبلس.
فجاءهم نبيه صلىاللهعليهوآله بنسخة ما في الصحف الاولى ، وتصديق الذي بين يديه وتفصيل الحلال من ريب الحرام ، ذلك القرآن فاستنطقوه ، ولن ينطق لكم اخبركم ، فيه علم ما مضى ، وعلم ما يأتي إلى يوم القيامة ، وحكم ما بينكم وبيان ما أصبحتم فيه تختلفون ، فلو سألتموني عنه لاخبرتكم عنه ، لاني أعلمكم (١).
أقول : قد سبقت أخبار الثقلين في كتاب الامامة.
١٢ ـ ج : عن أبي الجارود قال : قال أبوجعفر عليهالسلام : إذا حدثتكم بشئ فسألوني من كتاب الله ، ثم قال في بعض حديثه : إن النبي صلىاللهعليهوآله نهى عن القيل والقال ، وفساد المال ، وكثرة السؤال ، فقيل له : يا ابن رسول الله أين هذا من كتاب الله عزوجل؟ قال : قوله : ( لا خير في كثير من نجويهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ) (٢) وقال : ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما ) (٣) وقال : ( لا تسئلوا عن أشياء إن تبدلكم تسؤكم ) (٤).
____________________
(١) تفسير القمى : ٤.
(٢) النساء : ١١٤.
(٣) النساء : ٥.
(٤) الاحتجاج : ١٩٣ ، والاية في سورة المائدة : ١٠١.