بل قد جاء في الحديث الشريف الحثُّ علىٰ التوسُّل بدعاء بعض المؤمنين بأعيانهم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّ رجلاً من أهل اليمن يقدم عليكم.. يقال له أُوَيس ، فمن لقيه منكم فليأمره فليستغفر لكم » (١).
وقصة عمر بن الخطاب في طلب أُوَيس القرني والتماس دعوته مشهورة (٢).
في ترجمة أُوَيس ، قال الذهبي بعد أن ذكر عدّة أحاديث في التماس عمر دعاءه ، قال : نادىٰ عمر بمنىً علىٰ المنبر : يا أهل قَرَن.. فقام مشايخ ، فقال لهم عمر : أفيكم من اسمه أُوَيس ؟
فقال شيخ : يا أمير المؤمنين ذاك مجنون يسكن القفار ، لا يألَف ، ولا يؤلَف.
قال : ذاك الذي أعنيه ، فإذا عدتم فاطلبوه ، وبلّغوه سلامي وسلام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
قال : فقال أُوَيس ـ لمّا بلغه ذلك ـ : عَرَّفني ، وشهَّر باسمي ؟! اللّهم صلِّ علىٰ محمّدٍ وعلىٰ آله ، السلام علىٰ رسول الله ، ثم هام علىٰ وجهه ، فلم يُوقَف له بعد ذلك علىٰ أثر دهراً ، ثمَّ عاد في أيّام علي عليهالسلام ، فاستشهد معه بصفّين ، فنظروا فإذا عليه نيّف وأربعون جراحة (٣).
وكل هذا صريح في التوسُّل بدعاء المؤمن ، فهو مرتبة من مراتب التوسُّل.
وأشرف المؤمنين علىٰ الإطلاق هو سيد البشر أجمعين محمّد المصطفىٰ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد أمر الله تعالىٰ بالتماس دعوته وإتيانه لطلب دعائه
_________________________________
(١) صحيح مسلم / ٢٥٤٢.
(٢) انظر : سير أعلام النبلاء ٤ : ٢٠ ـ ٣٢.
(٣) سير أعلام النبلاء ٤ : ٣٢ ، تاريخ الإسلام ٢ : ١٧٤ ، ١٧٥.