ففي ترجمة أبي جعفر بن أبي موسىٰ ( ت ٤٧٠ هـ ) إمام الحنابلة في وقته ، وقد دفن عند قبر أحمد ، قال ابن الجوزي : كان الناس يبيتون هناك كل ليلة أربعاء ، ويختمون الختمات ، ويخرج المتعيِّشون فيبيعون المأكولات ، وصار ذلك فرجةً للناس ـ أي فَرَجاً ـ ولم يزالوا كذلك إلىٰ أن جاء الشتاء فامتنعوا.. وقال ابن كثير : دفن إلىٰ جانب الإمام أحمد ، فاتخذت العامَّة قبره سوقاً كلَّ ليلة أربعاء ، يتردَّدون إليه (١).
وكلُّ ما تقدَّم يكشف بوضوح عن عقيدة شيخ الحنابلة في وقته أبي الفرج بن الجوزي في الزيارة ، بل في شدِّ الرحال إليها ، الذي سيأتي بحثه لاحقاً..
ولنتابع مع آخرين من أقطاب الحنابلة..
٢ ـ موفق الدين ابن قدامة المقدسي ( ٦٢٠ هـ ) : يصرِّح باستحباب زيارة قبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويستدلُّ لذلك بما رواه الدارقطني وأحمد من حديث ابن عمر وأبي هريرة (٢).
٣ ـ نجم الدين بن حمدان الحنبلي ( ٦٩٥ هـ ) : ويسنّ لمن فرغ عن نسكه زيارة قبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقبر صاحبيه ، وله ذلك بعد فراغ حجه ، وإن شاء قبل فراغه (٣).
٤ ـ ابن تيمية ( ٧٢٨ هـ ) : وابن تيمية الذي أنكر السفر بقصد الزيارة ، لم ينكر أصل الزيارة ، فأثبتها للحاج وأدخلها في المناسك ، فقال في مناسكه : « باب زيارة قبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : إذا أشرف علىٰ مدينة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل الحج أو بعده... فإذا
_________________________________
(١) المنتظم ، والبداية والنهاية : أحداث سنة ٤٧٠ هـ.
(٢) المغني / ابن قدامة ٣ : ٧٨٨.
(٣) نقله السبكي في شفاء السقام : ٦٧ عن ( الرعاية الكبرىٰ في الفروع الحنبلية ).