المراد بالقاعدة الفقهية المشهورة : « ما لا يتم الواجب إلّا به فهو واجب » (١). أما الذين لا يرون إفراد المقدمة بحكم ، فلأنهم ذهبوا إلىٰ أنه بين المقدمة وذي المقدمة ملازمة عقلية محضة لا تستدعي جعل أمر مولوي (٢).
والملازمة العقلية ثابتة بين المندوب وملازمه ، من هنا ذهب أكثر الفقهاء إلىٰ أن المقدمة التي يتوقف عليها الحكم المستحب هي مستحبة أيضاً ، تبعاً للقول بأن المتلازمين تلازم العلّة والمعلول يجب أن يأخذا حكماً متماثلاً.. وأدنىٰ ما يقال إن الملازم للمندوب لابد أن يكون مباحاً ، فلايمكن أن يكون محرماً أو مكروهاً وهو شرط لازم لإتيان المستحب.
ولما كانت زيارة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مستحبة في نفسها ، وقد توقفت علىٰ السفر إلىٰ حيث مرقده الشريف ، فلابد أن يكون السفر بقصد الزيارة مباحاً ، إن لم يكن مستحباً هو الآخر.
ومن ناحية ثانية : فإن النصوص الواردة في الزيارة تثبت أن السفر بقصد الزيارة قربة ، أيضاً ، ذلك :
١ ـ لأنّ النص علىٰ الزيارة يتضمن السفر أيضاً ، إذ الزيارة تستدعي الانتقال إلىٰ مكان المزور؛ قريباً كان أو بعيداً ، فالزيارة إذ كانت تعني الحضور عند المزور فقد استدعت الانتقال إلىٰ المكان الذي هو فيه ، وهو السفر ، وإذا كانت الزيارة تعني الانتقال إلىٰ المزور بقصد الحضور عنده ؛ فالسفر بهذا القصد هو المنصوص عليه إذن في كل ما تقدم من الأحاديث الحاثة علىٰ الزيارة.
_________________________________
(١) راجع : شرح القواعد الفقهية / أحمد الزرقا : ٤٨٦ ، والقواعد الفقهية / علي أحمد الندوي : ٣٤٥.
(٢) الأصول العامة للفقه المقارن / محمد تقي الحكيم : ٦٧.