٢ ـ ولأنّ السفر بقصد الزيارة هو ظاهر الطلب وموضع الحث في بعض النصوص :
ـ كما في قوله تعالىٰ : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ) فمجيؤهم إلىٰ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم هو متعلِّق التوبة والرحمة ، فلم يطلب منهم الاستغفار وحده ، بل طلب أولاً مجيئهم إلىٰ الرسول ثمَّ الاستغفار بحضرته ليستغفر لهم هو صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهذا أمر صريح بالسفر إلىٰ الرسول ، وقد رأينا الاتفاق علىٰ أن مشروعيته ثابتة بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كما كانت ثابتة في حياته.
ـ وكما في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من جاءني زائراً لا تُعْمِلُهُ حاجة إلّا زيارتي » فإنّه صريح في السفر بقصد زيارته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لا يشترك معها قصد آخر.
ـ وهكذا كلُّ حديثٍ يقول فيه صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من زارني ـ أو ـ من زار قبري » فإنّه عامٌّ يدخل فيه القريب والبعيد.
هذه المقدمة كافية لوحدها في إثبات بطلان ما تمسك به البعض في تحريم السفر بقصد الزيارة ، إضافةً إلىٰ ما تنطوي عليه شبهتهم من تهافت واضح..
وهي شبهة قائمة علىٰ فهم حرفي خاطئ لقول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا تشدّ الرحال إلّا إلىٰ ثلاثة مساجد : مسجدي هذا ، والمسجد الحرام ، والمسجد الأقصىٰ ».
فقال هؤلاء : هذا يعني أنّ السفر إلىٰ غير هذه الأماكن الثلاثة حرام ! وأنّ السفر بأي قصد غير قصد هذه الاَماكن الثلاثة تعظيماً ، والصلاة فيها حرام !!
قال بهذا نفر من المفرطين في السطحية في
فهم النص ، فلما انتصر له ابن تيمية