كذلك فلا حرج للمسلم في رفض هذه الأحاديث إذ لا يمكن قبول إثبات القرآن بشهادة شاهدين في حين أجمع المسلمون قاطبة أن لا طريق لإثباته إلا بالتواتر.
وخلاصة ما تقدّم ذكره ، أنّ إسناد جمع القرآن إلى الخلفاء بعد وفاته صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يقوم عليه دليل قطعي ، ومناقض للقرآن والسنة وإجماع الأمّة. إذن ثبت أنّه جمع منذ عهد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبهذا لا سبيل لطعن أصالة القرآن ؛ إذ إنّه قد جمع في عصر النبي ، ووصل إلينا بالتواتر القطعي.
هذا كلّه مضافاً إلى حكم العقل برفض أن يدع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الوحي منتشر ومتشتّت في عدّة صحف ورقاع مما يجعله في طريق التحريف.
وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، لا يسمّى الصحف والرقاع والأكتاف كتاباً ، بل الكتاب هو ما بين دفّتي مصحف واحد.
وعلى هذا رأى السيد المرتضى : " إنّ القرآن كان على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مجموعاً مؤلفاً على ما هو عليه الآن " (١).
وأمّا ما فعله عثمان ليس إلا توحيد الأمّة على قراءة واحدة من بين القراءات السبعة وهي القراءة التي كانت متعارفة بين
______________________
(١) مجمع البيان ١ : ٤٣.