الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) (١) ، هذا والله يدعونا لعدم الإختلاف بقوله تعالى : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ) (٢) ، فإن كان قصده تعالى بالحبل هو ذاته المقدسة ، فوالله لقد اختلف المسلمون فيها ، غير أنهم يشتركون في قولهم إنّه واحد فهذا ينكر الرؤية وذاك يثبتها ، وهذا يرى أن صفاته قديمة زائدة على ذاته وآخر يقول إنّها هو وهو هي.
وإن كان قصده تعالى بالحبل هو سنّة رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأحكام الإسلام ، فلا تسأل عمّا صار إليه حالنا نحن المسلمون من الإختلاف ، فالمالكي يقول بالسدل ، والشافعي يصرّ على التكتّف ، وهذا الشيعي يؤكّد على الجهر بالبسملة ، والمالكي لا يعتبر ذلك.
وهذا الوهّابي يقول إنّ أغلب المسلمين مشركون لم يعرفوا كنه التوحيد وحقيقته ، وبقيّة المذاهب يعتبرون الوهابيّين مارقة مرقت من الدين وخالفت إجماع المسلمين.
وكلّ يدّعي وصلاً بليلى ، ولله درّ الشاعر أبي العلاء حيث يقول :
ليت شعري ما الصحيح ؟
على كلّ حال كنت أعتقد اعتقادا جازماً بأنّ شورى عمر بن الخطاب كانت قمّة في التعاطي الديمقراطي مع الحكم ، لكن تدور دورة الزمن دورتها فأجدني مرّة أخرى في لقاء مفتوح مع صديقي الشيعي الّذي صار كأنّه المحكّ الذي يفصل موادّي الخام وركام أفكاري المجموع لَيميز
_____________________
١) سورة الأنفال : ٦١.
٢) سورة آل عمران : ١٠٣.