الصحابة قد مات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو عنهم غضبان ؟! وإذا لم يكن الأمر كذلك فأين أبوذرّ الذي قال فيه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذرّ » (١) ؟! وأين عمار بن ياسر الذي كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يسمّيه بالطيّب ابن الطيّب ، أو بالطيّب المطَيّب (٢).
وبعد مدح أُولئك الستّة يقول : « إن استقام أمر خمسة منكم وخالف واحد فاضربوا عنقه ، وإن استقام أربعة واختلف اثنان فاضربوا أعناقهما » (٣) ! مرحى لهذه الشورى ، ومرحى لهذه الديمقراطية ، عجيب أمر عمر ! كيف يقتل رجلاً أو رجلين لا ذنب لهما ، بل أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مات راض عن الجميع حسب قول عمر !!
وهل جُعلت الشورى إلاّ للتشاور ؟! والإختلاف أمر بديهي بل لازم ، وإلاّ فلماذا الشّورى لو كان كلّ النّاس متفقين على رجل واحد أو مفروض عليهم شخص معيّن ؟!
بل أنّ عمر أوصى بأكثر من ذلك ، حيث جعل خمسين رجلاً ليضربوا أعناق الجميع إن مضت ثلاثة أيام ولم يختاروا أحدا !
ونعجب أكثر عندما يقول عمر : « وإن استقرّ ثلاثة واختلف ثلاثة » ـ وذاك مستحيل لأنّ طلحة كان في سفر خارج المدينة ـ « فكونوا مع
_____________________
١) طبقات ابن سعد : ترجمة أبي ذرّ الغفاري.
٢) أنظر : سنن ابن ماجة ١ / ٥٢ فضائل عمار بن ياسر.
٣) أنظر : تاريخ الطبري ٤ / ٢٢٩ ، طبقات ابن سعد ٣ / ٢٤٧.