له في ذلك المقام حظ ونصيب ، وويل لمن لم يكن له في هذا المقام حظ ولا نصيب.
ثم يجتمعون في موطن آخر يلجمون فيه ، ويتبرء بعضهم من بعض وهذا كله قبل الحساب ، فاذا أخذ في الحساب شغل كل إنسان بمالديه ، نسأله الله بركة ذلك اليوم.
قال علي عليه السلام : وأما قوله : « وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة » (١).
ذلك في موضع ينتهي فيه أولياء الله عزوجل بعد ما يفرغ من الحساب إلى نهر يسمى نهر الحيوان ، فيغتسلون منه ، ويشربون من آخر ، فتبيض وجوههم ، فيذهب عنهم كل أذى وقذى ووعث ، ثم يؤمرون بدخول الجنة ، فمن هذا المقام ينظرون إلى ربهم كيف يثيبهم ، ومنه يدخلون الجنة ، فذلك قوله عزوجل في تسليم الملائكة عليهم : « سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين » (٢) فعند ذلك اثيبوا بدخول الجنة ، والنظر إلى ماوعدهم الله عزوجل فذلك قوله تعالى : « إلى ربها ناظرة » والناظرة في بعض اللغة هي المنتظرة ، ألم تسمع إلى قوله تعالى : « فناظرة بم يرجع المرسلون » (٣) أي منتظرة بم يرجع المرسلون.
وأما قوله : « ولقد رآه نزلة اخرى * عند سدرة المنتهى » (٤) يعني محمدا صلىاللهعليهوآله حين كان عند سدرة المنتهى ، حيث لا يجاوزها خلق من خلق الله عزوجل ، وقوله في آخر الآية : « مازاغ البصر وما طغى * لقد رأى من آيات ربه الكبرى » (٥) رأى جبرئيل عليه السلام في صورته مرتين هذه المرة ومرة اخرى ، وذلك أن خلق جبرئيل ، عليه السلام خلق عظيم ، فهو من الروحانيين الذين لا يدرك خلقهم ولا صفتهم إلا رب العالمين.
قال علي عليه السلام : وأما قوله تعالى : « ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا
__________________
(١) القيامة : ٢٢ ٣٣.
(٢) الزمر : ٧٣.
(٣) النحل : ٣٥.
(٤) النجم : ١٣ ١٤.
(٥) النجم : ١٧ ١٨.