ثم يجتمعون في موطن آخر ويستنطق فيه أولياؤ الله وأصفياؤه ، فلا يتكلم أحد إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ، فتقام الرسل فيسألون عن تأدية الرسالات التي حملوها إلى اممهم فأخبروا أنهم قد أدوا ذلك إلى اممهم ويسأل الامم فتجحد كما قال الله : « فلنسئلن الذين ارسل إليهم ولنسئلن المرسلين » (١) فيقولون : « ما جائنا من بشير ولا نذير » (٢) فتستشهد الرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيشهد بصدق الرسل وتكذيب من يجحدها من الامم ، فيوق لكل امة منهم ، بلى قد جائكم بشير ونذير والله على كل شئ قدير ، أي مقتدر على شهادة جوارحكم عليكم بتبليغ الرسل إليكم رسالاتهم.
وكذلك قال الله تعالى لنبيه : « فكيف إذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا » (٣) فلا يستطيعون رد شهادته خوفا من أن يختم الله على أفواههم ، وأن تشهد عليهم جوارحهم بما كانوا يعملون ، ويشهد على منافقي قومه وامته وكفارهم بالحادهم وعنادهم ونقضهم عهده ، وتغييرهم سنته واعتدائهم على أهل بيته ، وانقلابهم على أعقابهم ، وارتدادهم على أدبارهم ، واحتذائهم في ذلك سنة من تقدمهم من الامم الظالمة الخائنة لانبيائها ، فيقولون بأجمعهم : « ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين » (٤).
ثم يجتمعون في موطن آخر يكون فيه مقام محمد صلىاللهعليهوآله وهو المقام المحمود ، فيثني على الله عزوجل بما لم يثن عليه أحد قبله ، ثم يثني على الملائكة كلهم ، فلايبقى ملك إلا أثنى عليه محمد صلىاللهعليهوآله ، ثم يثني على الانبياء بما لم يثن عليهم أحد مثله ، ثم يثني على كل مؤمن ومؤمنة يبدأ بالصديقين والشهداء ثم بالصالحين ، فتحمده أهل السماوات وأهل الارضين فذلك قوله عزوجل : « عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا » (٥) فطوبى لمن كان
__________________
(١) الاعراف : ٦.
(٢) المائدة : ١٩.
(٣) النساء : ٤١.
(٤) المؤمنون : ١٠٦.
(٥) أسرى : ٧٩.