افترى على الله إثما عظيما ، إذا كان قد بين الله في كتابه الفرق بين المحق والمبطل والطاهر والنجس والمؤمن والكافر ، وأنه لا يتلو النبي صلىاللهعليهوآله وسلم عندفقده إلا من حل محله صدقا وعدلا وطهارة وفضلا.
وأما الامانة التي ذكرتها فهي الامانة التي لا تجب ولا يجوز أن تكون إلا في الانبياء وأوصيائهم ، لان الله تبارك وتعالى ائتمنهم على خفه ، وجعلهم حججا في أرضه ، فبالسامري ومن اجتمع معه وأعانه من الكفار على عبادة العجل عند غيبة موسى ماتم انتحال محل موسى عليه السلام من الطغام ، والاحتمال لتلك الامانة التي لا ينبغي إلا لطاهر من الرجس ، فاحتمل وزرها ، ووزر من سلك في سبيله من الظالمين وأعوانهم.
ولذلك قال النبي صلىاللهعليهوآله : من استن سنة حق كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ومن استن سنة باطل كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ولهذا القول عن النبي صلى الله عليه وآل وسلم شاهد من كتاب الله وهو قول الله عزوجل في قصة قابيل قاتل أخيه : « من أجل ذلك كتبنا على بني إسرايئل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا ، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا » (١) وللاحياء في هذا الموضع تأويل في الباطل ليس كظاهره ، وهو من هداها ، لان الهداية هي حياة الابد ، ومن سماه الله حيا لم يمت أبدا إنما ينقله من دار محنة إلى دار راحة ومنحة.
وأما ما أراك (٢) من الخطاب بالانفراد مرة وبالجمع مرة ، من صفة الباري جل ذكره فان الله تبارك وتعالى على ماوصف به نفسه بالانفراد والوحدانية هو النور الازلي القديم الذي ليس كمثله شئ لا يتغير ويحكم ما يشاء ويختار ولا معقب لحكمه ، ولاراد لقضائه ، ولا ما خلق زاد في ملكه وعزه ، ولا
__________________
(١) المائدة : ٣٢.
(٢) ماكان خ.