بقول : « واهجرهم هجرا جميلا » (١) وبقوله : « فما للذين كفروا قبلك مهطعين * عن اليمين وعن الشمال عزين * أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم * كلا إنا خلقناهم مما يعملون » (٢) وكذلك قال الله عزوجل « يوم ندعوا كل أناس بامامهم » (٣) ولم يسم بأسمائهم وأسماء آبائهم وامهاتهم.
وأما قوله : « كل شئ هالك إلا وجهه » (٤) فانما انزلت كل شئ هالك إلا دينه ، لانه من المحال أن يهلك منه كل شئ ويبقى الوجه ، هو أجل وأعظم وأكرم من ذلك ، إنما يهلك من ليس منه ، ألا ترى أنه قال : « كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك » (٥) ففصل بين خلقه ووجهه.
وأما ظهورك على تناكر قوله : « فان خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ماطاب لكم من النساء » (٦) وليس يشبه القسط في اليتامى نكاح النساء ، ولا كل النساء أيتاما ، فهو مما قدمت ذكره من إسقاط المنافقين من القرآن ، وبين القول في اليتامى وبين نكاح النساء من الخطاب والقصص أكثر من ثلث القرآن وهذا ما أشبهه مما ظهرت حوادث المنافقين فيه لاهل النظر والتأمل ، ووجد المعطلون وأهل الملل المخالفة مساغا إلى القدح في القرآن ، ولوشرحت لك كل ما اسقط وحرف وبدل مما يجري هذا المجرى لطال ، وظهر ما تحظر التقية إظهاره من مناقب الاولياء ومثالب الاعداء.
وأما قوله : « وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون » (٧) فهو تبارك اسمه أجل وأعظم من أن يظلم ، ولكنه قرن امناءه على خلقه بنفسه ، وعرف الخليفة جلالة قدرهم عنده ، وأن ظلمهم ظلمه ، بقول : « وماظلمونا » ببغضهم أولياءنا ومعونة أعدائهم عليهم « ولكن كانوا أنفسهم يظلمون » إذ حرموها الجنة ، وأوجبوا
__________________
(١) المزمل : ١٠.
(٢) المعارج : ٣٦ ٣٩.
(٣) أسرى : ٧١.
(٤) القصص : ٨٨.
(٥) الرحمن : ٢٧ ٢٦.
(٦) النساء : ٣.
(٧) البقرة : ٥٧ ، الاعراف : ١٦٠.