كان قد ارتقى مرقاتها أي أحد من أهلي ومن قبلي أنا .. فإنّي ما كنتُ إلاّ السَّبّاق فيهم .. في حين ما أذكر أنّي كنت سبّاقاً بينهم ، وإلى أي من الأشياء في السابق ، فهل هذا خليق به أن ينفحني بمجد قلما فاز أو ظفر به أحد من قبل ، سوى يوسف بن يعقوب ، حينما منَّ اللّه عليه ، وأخرجه من السجن وجعله حاكماً على أموال مصر ، نافذ القول ، آمراً على الساسة والناس .. حتّى جاءه إخوته من البدو .. فصار الواقع مصداقاً لتفسير رؤياه التي قصها على أبيه ومن قبل حتّى صرت أنا والغدير على موعد. ولقد كنت أناقش نفسي مناقشات ما كانت إلاّ حصيلة مطالعات متواصلة دقيقة .. وكأني أناظرها بما توصلت إليه ، مما وقع عليه ذهني وصحا عليه عقلي حتّى صَغَتْ نفسي إلى حديثي ..
إذ جعلتُ أقول لها :
ـ « أذكري لي حديث الغدير؟ كيما أدقق فيه نظري وأتأكد من صحته ، وذلك حينما تكونين قد سردت عليّ حديثه من طريقنا .. أعني طريق أهل السنة ، كيما يطمئن قلبي ، ويهدأ بالي ، فأتدبر حالي وأتخذ أمري عن روية وعقل ، وأصير حيال واقع ليس هو من الخيال بشيء ».
فرجعت إلى أفكاري ، وأنا أشعر بالاندهاش يغلب على رسمي ودواخلي ، وذلك لوقع الحقائق التي جعلت معانيها تتراقص في ذهني ، تكبح كُلّ تردد وانفعال ليس تحته أيّما طائل ، فصارت تحدثني ..
وهي تقول :
ـ « أخرج الطبراني وغيره بسند مجمع على صحته .. ».
فقلت لها :
ـ « ومن صرّح بصحته؟ ».