قاطعه مازن وهو يستدرك كلامه ، ولقد كان هو الآخر يتنازل مذعناً ، بعد أن وجد نبيل يعلن صاغراً عن مثل ذلك ، فقال :
ـ « .. كذلك ، فإنهم لا يرتابون ، ولا حتّى في مخالفة بني هاشم واوليائهم من المهاجرين والانصار ، وانضوائهم إلى الامام ، لكنهم يقولون : إنّ أمر الخلافة قد استتب أخيراً لأبي بكر ، ورضيه الجميع إماماً لهم ، فتلاشى ذلك الخلاف ، وارتفع النزاع بالمرة ، واصفق الجميع على موازرة الصديق والنصح له في السر والعلانية ، فحاربوا حربه ، وسالموا سلمه ، وأنفذوا أمره ونهيه ، لم يختلف منهم عن ذلك أحد ، وبهذا تم الاجماع ، وصح عقد الخلافة ».
فقلت :
ـ « أصفاقهم على مؤازرة الصديق ، والنصح له في السر والعلانية شيء وصحة عقد الخلافة له بالاجماع شيء آخر ، وهما غير متلازمين عقلاً ولا شرعا فإنّ لعلي والأئمة المعصومين من بنيه مذهباً في مؤازرة أهل السلطة الإسلامية معروفاً ، وهو الذي ندين اللّه به ، وأنا أذكره لك جواباً عمّا قلت ».
فقال نبيل :
ـ « وحاصله؟ ».
ـ « وحاصله : هو أن من رأيهم أن الأُمّة الإسلامية لا مجد لها إلاّ بدولة تلم شعثها ، وترأب صدعها ، وتحفظ ثغورها ، وتراقب أُمورها ، وهذه الدولة لا تقوم إلاّ برعايا تؤازرها بأنفسها وأموالها ، فان أمكن أن تكون الدولة في يد صاحبها الشرعي ».
ـ « صاحبها الشرعي؟ ».