بشرف بني أمية والتقدّم في قريش ، وكان رئيسهم في أحد ، وقائدهم في الأحزاب وما بعدها ، ولمّا كان الفتح قال العباس للنبي صلىاللهعليهوسلم ـ لما أسلم أبو سفيان ليلتئذ كما هو معروف ، وكان صديقاً له ـ : يا رسول الله إنّ أبا سفيان رجل يحبّ الفخر فاجعل له ذكراً فقال : من دخل دار أبى سفيان فهو آمن ، ثمّ منّ على قريش بعد أنّ ملكهم يومئذٍ وقال : اذهبوا فأنتم الطلقاء وأسلموا ) (١).
نكات مهمّة وردت في هذه النصوص يجب الالتفات إليها :
١ ـ الطلقاء هم كّفار قريش.
٢ ـ اذهبوا فأنتم الطلقاء.
٣ ـ وأعتقهم على الإسلام.
٤ ـ لمّا أسلم أبو سفيان.
وليت كلّ منصف يسمع كلام هذا الرجل الذي يدافع عن أبي سفيان ، ويفكر في معركة بدر وأُحد ، ثمّ الجمل وصفين ، ثمّ وكربلا كم جرت فيها من دماء بسبب من يصفهم أنّهم أبلوا في سبيل الله.
نعم ، إنّهم عندما يحسّوا بقوّة الدليل يقولون : لا يجوز ذكر مساوئهم ، بل لهم ما كسبوا ولنا ما كسبنا ، ويستدلون بقوله تعالى : ( تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (٢). على أنّه لا يجوز ذكر الماضين بسوء ، ويقرءون ( تسألون ) بفتح التاء ، أي : لا تسألوا أنتم عن عملهم ، والآية واضحة أنّها بضم التاء ، أي : أنّ الله لا يسألكم عن عملهم ،
__________________
١ ـ تاريخ ابن خلدون ج ٣ ، ص ٣.
٢ ـ البقرة (٢) : ١٣.