وَعَنِ الرِّضَا (ع) : « أَنَّ الْإِبْدَاعَ وَالْمَشِيئَةَ وَالْإِرَادَةَ مَعْنَاهَا وَاحِدٌ وَالْأَسْمَاءُ ثَلَاثَةٌ ».
وَعَنِ الْبَاقِرِ (ع) : « لَا يَكُونُ شَيْءٌ إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ وَأَرَادَ وَقَدَّرَ وَقَضَى » سُئِلَ : مَا مَعْنَى شَاءَ؟ قَالَ : « ابْتِدَاءُ الْفِعْلِ » سُئِلَ : مَا مَعْنَى قَدَّرَ؟ قَالَ : « تَقْدِيرُ الشَّيْءِ مِنْ طُولِهِ وَعَرْضِهِ » سُئِلَ : مَا مَعْنَى قَضَى؟ قَالَ : « إِذَا قَضَى أَمْضَى ، فَذَلِكَ الَّذِي لَا مَرَدَّ لَهُ » (١). وعلى هذا فيكون معنى القضاء هو النقش الحتمي في اللوح المحفوظ.
وفيه : « خَلَقَ اللهُ الْمَشِيئَةَ بِنَفْسِهَا ثُمَّ خَلَقَ الْأَشْيَاءَ بِالْمَشِيئَةِ » (٢). قيل في معناه : أن الأئمة (ع) تارة يطلقون الْمَشِيئَةَ والإرادة على معنى واحد ، وتارة على معنيين مختلفين ، والمراد بهذه العبارة أن الله تعالى خلق اللوح المحفوظ ونقوشها من غير سبب آخر من لوح ونقش آخر وخلق سائر الْأَشْيَاءَ بسببهما ، وهذا مناسب لِقَوْلِهِ (ع) : « أَبَى اللهُ أَنْ يُجْرِيَ الْأَشْيَاءَ إِلَّا بِأَسْبَابِهَا ».
وفِيهِ : « أَمَرَ اللهُ وَلَمْ يَشَأْ وَشَاءَ وَلَمْ يَأْمُرْ : أَمَرَ إِبْلِيسَ أَنْ يَسْجُدَ لِآدَمَ وَشَاءَ أَنْ لَا يَسْجُدُ وَلَوْ شَاءَ لَسَجَدَ ، وَنَهَى آدَمَ عَنْ أَكْلِ الشَّجَرَةِ وَشَاءَ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا وَلَوْ لَمْ يَشَأْ لَمْ يَأْكُلْ » (٣). ومنه يعلم أن جميع الكائنات مطابقة لعلمه السابق في الممكنات وهو لا يؤثر في المعلوم كما سبق فلا إشكال.
وفِيهِ : « إِنَّ لِلَّهِ إِرَادَتَيْنِ وَمَشِيئَتَيْنِ : إِرَادَةَ حَتْمٍ وَإِرَادَةَ عَزْمٍ ، يَنْهَى وَهُوَ يَشَاءُ وَيَأْمُرُ وَهُوَ لَا يَشَاءُ ، نَهَى آدَمَ (ع) وَزَوْجَتَهُ أَنْ يَأْكُلَا مِنَ الشَّجَرَةِ وَشَاءَ أَنْ يَأْكُلَا وَلَوْ لَمْ يَشَأْ أَنْ يَأْكُلَا لَمَا غَلَبَتْ
__________________
(١) ذكر هذا الحديث في الكافي ج ١ ص ١٥٠ عن أبي الحسن موسى بن جعفر (ع).
(٢) الكافي ج ١ ص ١١٠.
(٣) الكافي ج ١ ص ١٥٠.