شَهْوَتُهُمَا مَشِيئَةَ اللهِ تَعَالَى ، وَأَمَرَ إِبْرَاهِيمَ أَنْ يَذْبَحَ إِسْحَاقَ وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَذْبَحَهُ وَلَوْ شَاءَ لَمَا غَلَبَتْ مَشِيئَةُ إِبْرَاهِيمَ مَشِيئَتَهُ » (١).
وفِيهِ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ عِلْمِ اللهِ وَمَشِيئَتِهِ هُمَا مُخْتَلِفَانِ أَمْ مُتَّفِقَانِ؟ فَقَالَ (ع) : « الْعِلْمُ لَيْسَ هُوَ الْمَشِيئَةَ ، أَلَا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ سَأَفْعَلُ كَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى وَلَا تَقُولُ إِنْ عَلِمَ اللهُ تَعَالَى ، فَقَوْلُكَ إِنْ شَاءَ اللهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَشَأْ فَإِذَا شَاءَ كَانَ الَّذِي شَاءَ كَمَا شَاءَ وَعِلْمُ اللهِ تَعَالَى السَّابِقُ لِلْمَشِيئَةِ » (٢) وَلَمْ تَجِدْ أَحَداً إِلَّا وَلِلَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ حُجَّةٌ وَلِلَّهِ فِيهِ الْمَشِيئَةُ ، وَلَا أَقُولُ إِنَّهُمْ مَا شَاءُوا صَنَعُوا » ثُمَّ قَالَ : « إِنَّ اللهَ يَهْدِي وَيُضِلُّ ». قال بعض الأفاضل : في هذا الكلام ـ أعني قوله : لا أقول ما شَاءُوا صنعوا ـ نفي لما أعتقده المعتزلة من أن العباد ما شاءوا صنعوا ، يعني أنهم مستقلون بِمَشِيئَتِهِمْ وقدرتهم ولا توقف لها على مَشِيئَةِ الله تعالى وإرادته وقضائه ، وهذا يخرج الله عن سلطانه.
وَفِي حَدِيثِ يُونُسَ : لَا يَكُونُ إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ وَأَرَادَ وَقَدَّرَ وَقَضَى. فَقَالَ الرِّضَا (ع) : « يَا يُونُسُ لَيْسَ هَكَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ وَأَرَادَ وَقَدَّرَ وَقَضَى » (٣). قيل : فيه إنكار كلام يونس لأجل إدخال باء السببية على المشيئة وغيرها المستلزمة لمسببها لا من أجل توقف أفعال العباد عليها توقف الشرط على المشروط.
وَفِي حَدِيثٍ أَيْضاً : « لَا يَكُونُ إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ وَأَرَادَ وَقَدَّرَ وَقَضَى ، يَا يُونُسُ تَعْلَمُ مَا الْمَشِيئَةُ »؟ قُلْتُ : لَا ، قَالَ : « هِيَ الذِّكْرُ الْأَوَّلُ ، فَتَعْلَمُ مَا الْإِرَادَةُ »؟ قُلْتُ : لَا ، قَالَ : « هِيَ الْعَزِيمَةُ عَلَى مَا يَشَاءُ ، فَتَعْلَمُ مَا الْقَدَرُ »؟ قُلْتُ : لَا ، قَالَ : « هِيَ الْهَنْدَسَةُ وَوَضْعُ الْحُدُودِ مِنَ الْبَقَاءِ وَالْفَنَاءِ » ثُمَّ قَالَ : « والْقَضَاءُ هُوَ الْإِبْرَامُ وَإِقَامَةُ الْعَيْنِ » (٤). قال بعض الأفاضل : كأن
__________________
(١) الكافي ج ١ ص ١٥٠.
(٢) الكافي ج ١ ١١٣.
(٣) هذان الحديثان هما حديث واحد مذكور في الكافي ج ١ ص ١٥٨ ،.
(٤) هذان الحديثان هما حديث واحد مذكور في الكافي ج ١ ص ١٥٨ ،.