الْقَوِيُ الْأَمِينُ ) [ ٢٨ / ٢٦ ] وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ لَهَا : يَا بُنَيَّةُ هَذَا قَوِيٌ قَدْ عَرَفْتِيهِ بِرَفْعِ الصَّخْرَةِ وَالْأَمِينُ مِنْ أَيْنَ عَرَفْتِيهِ؟ قَالَتْ : يَا أَبَتِ إِنِّي مَشَيْتُ قُدَّامَهُ فَقَالَ : امْشِي مِنْ خَلْفِي فَإِنْ ضَلَلْتُ فَأَرْشِدِينِي إِلَى الطَّرِيقِ فَإِنَّا قَوْمٌ لَا نَنْظُرُ فِي أَدْبَارِ النِّسَاءِ (١).
قوله تعالى : ( مَتاعاً لِلْمُقْوِينَ ) [ ٥٦ / ٧٣ ] أي للمسافرين سموا بذلك لنزولهم الْقَوَاءُ أي القفر ، ويقال : « الْمُقْوِينَ » الذين لا زاد لهم.
و ( الْقَوِيُ ) من أسمائه تعالى ، ومعناه الذي لا يستولي عليه العجز في حال من الأحوال بخلاف المخلوق المربوب.
وَفِي الْحَدِيثِ : « الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُ خَيْرٌ مِنَ الضَّعِيفِ ». الْقَوِيُ الذي قوى في إيمانه ، بأن يكون له قوة وعزيمة وقريحة في أمور الآخرة ليكون أكثر جهادا أو صبرا على الأذى والمشاق في الله وأرغب في العبادات.
وقَوِيَ على الأمر : أطاقه ، وبه قُوَّةٌ أي طاقة. وقَوِيَ يَقْوَى فهو قَوِيٌ ، والجمع قوًى ، وجمع قَوِيٍ أَقْوِيَاءُ ، والاسم الْقُوَّةُ.
والْقُوَى العقلية ـ على ما نقل أهل العرفان ـ أربعة :
( منها ) القوة التي يفارق فيها البهائم ، وهي القوة الغريزية التي يستعد بها الإنسان لإدراك العلوم النظرية ، فكما أن الحياة تهيىء الجسم للحركات الاختيارية والإدراكات الحسية فكذا القوة الغريزية تهيىء الإنسان للعلوم النظرية والصناعات الفكرية.
و ( منها ) قوة بها تعرف عواقب الأمور فتقمع الشهوة الداعية إلى اللذة العاجلة وتتحمل المكروه العاجل لسلامة الآجل فإذا حصلت هذه القوى سمي صاحبها عاقلا من حيث إن إقدامه بحسب ما يقتضيه النظر في العواقب لا بحكم الشهوة العاجلة والْقُوَّةُ الأولى بالطبع والأخيرة بالاكتساب وإلى ذلك أَشَارَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) بِقَوْلِهِ
__________________
(١) تفسير عليّ بن إبراهيم ص ٤٨٧.