مُزَاحِمٍ آمَنَتْ حِينَ سَمِعَتْ بِتَلَقُّفِ عَصَا مُوسَى الْإِفْكَ ، فَعَذَّبَهَا فِرْعَوْنُ فَأَوْتَدَ يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا بِأَرْبَعَةِ أَوْتَادٍ وَاسْتَقْبَلَ بِهَا الشَّمْسَ وَأَضْجَعَهَا عَلَى ظَهْرِهَا فَوَضَعَ رَحًى عَلَى صَدْرِهَا فَمَاتَتْ. رُوِيَ أَنَّهَا لَمَّا قَالَتْ : ( رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ ) أُرِيَتْ بَيْتَهَا فِي الْجَنَّةِ يُبْنَى (١).
وَفِي الْحَدِيثِ : « الْمِرَاءُ فِي الْقُرْآنِ كُفْرٌ ». قيل : إنما سماه كفرا لأنه من عمل الكفار ، أو لأنه يفضي بصاحبه إلى الكفر إذا عاند صاحبه الذي يماريه على الحق ، لأنه لا بد أن يكون أحد الرجلين محقا والآخر مبطلا ، ومن جعل كتاب الله سناد باطله فقد كفر ، مع احتمال أن يراد بالمراء الشك ، ومن المعلوم أن الشك فيه كفر. وفِيهِ : « مِنْ تَعَلَّمَ عِلْماً لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ وَيُبَاهِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ لِيُقْبِلَ بِوُجُوهِ النَّاسِ إِلَيْهِ فَهُوَ فِي النَّارِ ». ومعناه ظاهر.
وَفِي مَعَانِي الْأَخْبَارِ : السُّفَهَاءُ قُضَاةُ مُخَالِفِينَا وَالْعُلَمَاءُ عُلَمَاءُ آلِ مُحَمَّدٍ (ص). ومَعْنَى لِيُقْبِلَ بِوُجُوهِ النَّاسِ إِلَيْهِ قَالَ : يَعْنِي وَاللهِ بِذَلِكَ ادِّعَاءَ الْإِمَامَةِ بِغَيْرِ حَقِّهَا وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ فِي النَّارِ (٢) وَبِهَذَا الْمَعْنَى رَوَى عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَبْدِ صَالِحٍ الْهَرَوِيُّ عَنِ الرِّضَا (ع)
وفِيهِ أَيْضاً : « دَعِ الْمُمَارَاةَ ». أي دع المجادلة فيما فيه المرية والشك فإنها تئول إلى العداوة والبغضاء ، ولذا قَالَ (ع) : « اتْرُكِ الْمِرَاءَ وَلَوْ كُنْتَ مُحِقّاً » (٣).
__________________
(١) البرهان ج ٤ ص ٣٥٨.
(٢) راجع الحديث وشرحه في معاني الأخبار ص ١٨٠ فإنه يختلف كثيرا عما في هذا الكتاب.
(٣) في الكافي ج ٢ ص ٣٠٠ » وترك المراء وإن كان محقا ».