المهاجرين والأنصار كان هذا. فقال عبد الرحمن بن عوف من بينهم : سمعتها من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بهاتين وإلا فصمتّا ، أتعلمون أنّ أحداً كان يدخل المسجد جنباً غيري؟ قالوا : اللّهم لا ، هل تعلمون أنّي كنت إذا قاتلت عن يمين النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، قاتلت الملائكة عن يساره؟ قالوا : اللّهم نعم ، فهل تعلمون أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي ، وهل تعلمون أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان آخى بين الحسن والحسين فجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : يا حسن مرّتين ، فقالت فاطمة : يا رسول الله ، إنّ الحسين الأصغر منه وأضعف ركناً منه ، فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : ألا ترضين أنْ أقول أنا : هيَّ « هي : بالفتح وتشديد الياء المكسورة اسم فعل للأمر بمعنى أسرع فيما أنت فيه » يا حسن ويقول جبريل : هيَّ يا حسين ، فهل لخلق مثل هذه المنزلة نحن صابرون ليقضي الله امراً كان مفعولا (١).
روى في مسند زيد بن أبي أوفى ، لمّا آخى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بين أصحابه ، قال عليّ : لقد ذهب روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري ، فإنّ كان هذا من سخط عليّ فلك العتبى والكرامة ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : والذي بعثني بالحقّ ، ما أخّرتك إلا لنفسي ، وانت منّي يمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبيّ بعدي ، وأنت أخي ووارثي ، قال : وما أرث منك يا رسول الله؟ قال : ما ورثت الأنبياء من قبلي ، قال : وما ورثت الأنبياء من قبلك؟ قال : كتاب ربّهم وسنّة نبيهم ، وأنت معي في قصري في الجنّة مع فاطمة بنتي ، وأنت أخي ورفيقي (٢).
__________________
(١) تاريخ دمشق ٢٩ : ٢٠١ ـ ٢٠٢ ، وعنه في كنز العمّال ٥ : ٧٢٣ ـ ٧٢٤ ، واللفظ للثاني.
(٢) أورده المتّقي الهندي في كنز العمّال ٩ : ١٦٧ ، وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ٢١ : ٤١٥.