(إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هَاد) (١).
وضع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يده على صدره فقال : « أنا المنذر ، وأومأ بيده إلى منكب عليّ رضياللهعنه فقال : « أنت الهادي يا عليّ ، بك يهتدي المهتدون من بعدي » (٢).
فأهل البيت عليهمالسلام ، أراد الله سبحانه وتعالى بإرادة تكوينية ، أنْ يذهب عنهم الرجس ، كما ورد في آية التطهير ، وهذا يعني سمة وميزة أساسيّة عند من نزلت في حقّهم هذه الآية ، وهي العصمة ، وذلك بنفي مطلق الرجس عنهم بإرادة تكوينيّة ; لأنّ الله عزّ وجلّ إذا أراد شيئاً فإنّه يقول له كن فيكون ، ولا يوجد أي مجال اختياري للبشر في ترك تلك الإرادة الإلهيّة ، وعلى ذلك ، فإنّ عصمتهم توجب اتّباعهم وموالاتهم ، بالإضافة إلى النصوص التي توجب اتّباعهم بشكل مباشر.
قال تعالى في سورة النساء : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (٣).
فهذه الآية تأمر بإطاعة أولي الأمر طاعة مطلقة. ولا تجوز الطاعة المطلقة إلا لمن ثبتت عصمته وعلى أنّ باطنه كظاهره ، وأمن منه الغلط والزلل ، وحتّى أدنى أنواع الرجس مهما صغر. وهذا الأمر لا يحصل لا للأمراء ولا للعلماء ، جلّ الله سبحانه أنْ يأمر بإطاعة من يحتمل عليه الخطأ والزلل ، أو الانقياد لمن وقع منهم الاختلاف في القول والفعل.
ولذلك فسّر الآية الفخر الرازي في تفسيره الكبير أنّ أولي الأمر هم
__________________
(١) الرعد : ٧.
(٢) الدرّ المنثور ٤ : ٤٥.
(٣) النساء : ٥٩.