بعد هذه الآيات يتقرّر لك أنّ كلمة الصاحب ليس لها معنى أو حقيقة شرعيّة معيّنة ، بل بقيت على معناها اللغوي ، والمعنى اللغوي كما في كلّ القواميس ، أنّ الصاحب : هو الملازم إنساناً كان أو حيواناً أو مكاناً أو زماناً.
إذن ، فكما تقرّر لك أنّ الصاحب تشمل المؤمن والكافر والمنافق والحيوان والجماد ، وليس لهذه الكلمة صفة قدسيّة معيّنة ، لا شرعاً ، ولا لغةً حسب ما قرّرته الآيات والأحاديث.
والآن بعد أنْ أزيل الوهم عن تلك الكلمة ، نعود إلى موضوعنا ، وهو الصحابة المنافقون وهم على أنواع : انقلبوا بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. وأعلنوا العداء والحرب على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته ، ونقضوا عهدهم وبيعتهم لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب سلام الله عليه ـ بعد أنْ بخبخوا له في غدير خمّ ، وقالوا له : بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولانا ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة (١).
هذا النوع من الصحابة ، كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد حذّرهم من الانقلاب والانفلات بعده ، كما أنّ العديد من الآيات القرآنية كانت دائماً تحذّر أولئك الصحابة من الانقلاب ونقض العهد والبيعة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكأنّ الآيات الشريفة تسبق الأحداث ، تحذيراً للمسلمين من الوقوع في المحظور.
قال تعالى في سورة آل عمران : (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ) (٢) ، الآية تقررّ بأنّ هناك عدداً من الصحابة سوف ينقلب على عقبيه ويرتدّ القهقري.
وقال تعالى في سورة الفتح : (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ
__________________
(١) اُنظر مثلاً مسند أحمد ٤ : ٢٨١ ، تاريخ بغداد ٨ : ٢٨٤ ، المصنف لابن أبي شيبة ٧ : ٥٠٣ ، المناقب للخوارزمي : ٨٩ ، ١٥٦.
(٢) آل عمران : ١٤٤.