معرفة من هو المحقّ ومن المبطل.
وذلك أنّ الله سبحانه وتعالى اختبر الناس وامتحنهم بالفتن ، وهذه سنّة إلهيّة معروفة ، لمعرفة المؤمنين من غيرهم ، قال تعالى في سورة العنكبوت : (الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) (١) ، وإذا كانت المقاييس لمعرفة الحقّ والباطل تختلط في كثير من الأحيان ، بسبب الاختلاف في الأفهام بين الناس ، فكلّ طرف عادة يعتقد أنّه على حقّ ، وأنّ خصمه هو الذي على الباطل ، هذا واقع مشهور بين الناس من يوميّات هذه الحياة الدنيا.
فكثيراً ما تجد طرفين أو عدّة أطراف مختلفون على معنى حديث ، أو آية بينهم ، وهذا مشتهر عند أهل السنّة كثيراً ، وكلّ طرف يحاول أنْ يُقنع الطرف الآخر بصحّة فهمه ، لكنّ المشكلة تكمن في المقياس في هذه الحالة وهو أن كلّ طرف له مقاييس بالنسبة لصحة الحديث أو ضعفه تختلف عن خصمه. وهو واقع أيّها القارئ العزيز بين جميع مذاهب المسلمين ، لكنّ المختلف في قضيّة مظلومية الزهراء هنا ، ليس النصوص فقط ، بل السيّدة الزهراء عليهاالسلام نفسها هي المقياس ، وهي الميزان.
ولذلك قام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم طيلة فترة دعوته ، يوجه أنظار المسلمين إلى السيّدة فاطمة الزهراء عليهاالسلام ، من أجل تعزيز مقوّمات المقاييس والموازين عند حصول أيّ فتنه ، من الممكن أنْ تحصل للمسلمين ، في أيّ زمان ، أو في أيّ مكان.
لأنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم رحمةً للعالمين ، وأنّه هو الآخذ بيد المستضعفين إلى النجاة والسعادة الأبدية ، وإلى رضى الله سبحانه والفوز بالجنّة ، والنجاة من النار
__________________
(١) العنكبوت : ١ ـ ٣.