وروى في الذرية الطاهرة ، عن عليّ بن أبي طالب : أنّ النبيّ قال لفاطمة : « يا فاطمة ، إنّ الله يغضب لغضبك ، ويرضى لرضاك » (١).
هذه مجموعة من الروايات لهذا الحديث ، بهذا اللفظ ، انتقيتها لك من كتب وصحاح أهل السنّة المختلفة ، وتركت روايات مثلها أخرى خوفاً من الإطالة ، وبيّنت لك صحّة أسانيدها.
عزيزي القارئ من خلال هذه المجموعة من روايات صحاح أهل السنّة ، يتبيّن موقعيّة وأحقيّة السيّدة فاطمة الزهراء عليهاالسلام ، وأنّها سيّد نساء أهل الجنّة ، أي من المبشّرات بالجنّة ، وأنّ من آذاها آذى رسول الله ، ومن أغضبها أغضب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل وآذى الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأغضب الله ورسوله ، وأنّها كانت صادقة اللهجة ، لا يمكن أنْ يتطرّق الكذب إلى حديثها ، وأنّ الله يرضى لرضاها ويغضب لغضبها ، فهي لا تغضب أو ترضى اتّباعاً للهوى ، أو بحسب دوافع نفسيّة ; لأنّ غضبها أو رضاها تابع لغضب أو رضى الله سبحانه ، وأنّ من آذاها فقد آذى الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا) (٢).
قال السيوطي : اخرج الأزرقي والطبراني ، والبيهقي في شعب الإيمان ، عن عائشة قالت : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : « ستّة لعنتهم ، وكلّ نبي مجاب .. ، المستحل من عترتي ما حرّم الله عليه ، والمستحلّ لحرم الله » (٣).
وإذا أضفنا في هذا المقام آية التطهير التي نزلت في حقّ الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها ، وكذلك آية المباهلة التي نزلت في حقّهم أيضاً ، يتبيّن لك أنّ هذه
__________________
(١) الذرية الطاهرة النبوية : ١٦٨.
(٢) الأحزاب : ٥٧.
(٣) الدرّ المنثور ١ : ١٢٢ ، وأخرجه الحاكم في المستدرك ١ : ٣٦ ، ٢ : ٥٢٥ ، صحيح ابن حبان ١٣ : ٦٠.