مقيّدة بأيّ نوع من أنواع الأذى ، وتشمل جميع أنواع الأذى ، يصدر من أيّ شخص كان ، دون تحديد ، أو أيّة قيود ، وهذا كلّه يدلّ على وجوب قبول قولها ، وحرمة تكذيبها ، أو ردّها ، أو اتّهامها ، فكما قلت لك سابقاً في بداية هذا البحث ، إنّها الميزان في معرفة الحقّ من الباطل ، فهي عليهاالسلام كفّة الميزان الراجحة ، والواضحة ، والتي هي الحقّ القاطع بلا شكّ ولا ريب.
والسؤال المهم الذي يطرح نفسه ، كيف تعامل المسلمون مع الصدّيقة الطاهرة ، السيّدة فاطمة الزهراء عليهاالسلام؟ كيف تعامل معها الخليفة الأوّل ، أبو بكر ، والثاني عمر ، بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ هل آذوها ، وانتقموا منها ، ومن ذريّتها ، كما فعلت اليهود والنصارى مع الصدّيقين من أبناء أنبيائهم وأوصياء أنبيائهم. هل فعلوا ذلك مع أهل بيت النبوّة ومعدن الرسالة؟ لنرى معاً الإجابة على كلّ تلك الأسئلة ، ولا تستعجل عزيزي القارئ ، فلكلّ سؤال جواب ، من كتب أهل السنّة وصحاحهم.
أحبّ أنْ أقدمّ في البداية حديثاً موجوداً في صحيح البخاري ، وفي صحيح مسلم ، وهما من الكتب التي لا مجال في النقاش فيها عند أهل السنّة ; لأنّها كلّها صحيحة.
روى البخاري في صحيحه ، في باب فرض الخمس ، حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله ، حدّثنا إبراهيم بن سعد ، عن صالح ، عن ابن شهاب قال : اخبرني عروة بن الزبير : أنّ عائشة أمّ المؤمنين رضياللهعنها أخبرته : أنّ فاطمة عليهاالسلام ، ابنة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنْ يقسم لها ميراثها ، ما ترك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ممّا أفاء الله عليه ، فقال أبو بكر : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : « لا نورّث ، ما تركنّا صدقة ». فغضبت فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فهجرت أبا بكر ، فلم تزل مهاجرته حتّى توفيت ، وعاشت بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ستة أشهر ،