على صيانته وعصمته من الخطأ في مجال الشهادة.
كما تدلّ على سعة علمه إذا شهد ، فإذا شهد شهد على الكفر والإيمان ، والرياء والإخلاص ، وبالجملة على كلّ خفيّ عن الحس ومستبطن عند الإنسان ، أعني ما تكسبه القلوب وعليه يدور حساب ربّ العالمين ، قال تعالى في سورة البقرة : ( وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ) (١) ، ولا شكّ أنّ الشهادة على حقائق أعمال الأمّة خارج عن وسع الإنسان العادي إلا إذا تمسّك بحبل العصمة وولي أمر الله بإذنه.
هذه جملة من الآيات القرآنية تدلّل بمجملها على عصمة الأنبياء والمرسلين جميعاً ، ونخصّ بالذكر نبيّنا ورسولنا محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهذا أمر لا مرية فيه ولا أدنى شك عند الأئمّة المعصومين من أهل البيت عليهمالسلام وأتباعهم ، فهم على الاعتقاد بعصمة النبيّ محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم منذ وفاته وحتّى يومنا هذا.
فأتباع مذهب أهل البيت عليهمالسلام يدرؤون عن كلّ ما أحيط بمسألة عصمة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من شبهات وأقاويل ، فهو بنظرهم معصوم في أمور الدين والدنيا وقبل النبوّة وبعدها.
وأمّا أهل السنّة فإنّهم أيضاً يفضّلون شخص النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على الأولين والآخرين ، إلا أنّهم يرون أنّ عصمته محدودة بالأمور الدينية فقط ، والتي هي بنظرهم الأمور المتعلّقة بتبليغ الرسالة ليس إلاّ ، وما دون ذلك فهو كغيره من البشر يخطئ ويصيب ، حتّى أنهم ينفون عصمة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في تبليغ التشريع أيضاً ، والأمثلة على ذلك نتطرق إليها لاحقاً من خلال هذا البحث.
وكذلك عند علمائهم أبحاث مطوّلة في سؤالهم هل يجوز في حقّ الرسول أنْ يكون مجتهداً؟ والغالبية العظمى منهم أقرّوا بأنّه يجوز في حقّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أنْ
__________________
(١) البقرة : ٢٢٥.