اشتدّ برسول الله صلّى الله عليه وسلّم وجعه فقال : ائتوني أكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً ، فتنازعوا ، ولا ينبغي عند نبيّ تنازع ، فقالوا : ما شأنه ، أهجر؟ استفهموه. فذهبوا يردّون عليه. فقال : دعوني ، فالذي أنا فيه خير ممّا تدعوني إليه. وأوصاهم بثلاث قال : اخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ، وسكت عن الثالثة ، أو قال : فنسيتها (١).
روى البخاري في صحيحه ، عن ابن عبّاس قال : لمّا اشتد بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم وجعه قال : « ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تضلّوا بعده » قال عمر : إنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم غلبه الوجع ، وعندنا كتاب الله حسبنا. فاختلفوا وكثر اللغط ، قال : « قوموا عنّي ، ولا ينبغي عندي التنازع » فخرج ابن عبّاس يقول : إنّ الرزيّة كلّ الرزية ، ما حال بين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبين كتابه (٢).
روى مسلم في صحيحه ، عن سعيد بن جبير ، قال : قال ابن عبّاس : يوم الخميس! وما يوم الخميس! ثمّ بكى ، حتّى بلّ دمعه الحصى. فقلت : يا ابن عبّاس! وما يوم الخميس؟ قال : اشتد برسول الله صلّى الله عليه وسلّم وجعه. فقال : « ائتوني أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعدي » فتنازعوا ، وما ينبغي عند نبي تنازع. وقالوا : ما شأنه؟ أهجر؟ استفهموه. قال : « دعوني ، فالذي أنا فيه خير ، أوصيكم بثلاث : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ». قال : وسكت عن الثالثة ، أو قال : فأنسيتها (٣).
وبقولهم حسبنا كتاب الله ، يظهر ذلك الأمر بشكل واضح جليّ ، أنّ المؤامرة على السنّة النبويّة كانت مدبّرة مسبقاً ، ومخطّطاً لها من عدد كبير من الصحابة المنافقين ، ومع أنّ القرآن الكريم ذكر في عدّة آيات ، أنّ كلّ ما يقوله النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١) صحيح البخاري ٥ : ١٣٧.
(٢) صحيح البخاري ١ : ٣٧.
(٣) صحيح مسلم ٥ : ٧٥.