إسرائيل لمّا هلكوا قصّوا » (١).
وبالرغم من هذا التحذير النبويّ من القصّاصين ، وبالرغم من الأحاديث النبويّة التي تأمر بحفظ الحديث النبويّ وتدوينه ورعايته ونقله ، قام عمر بن الخطّاب بمخالفة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فبعد أنْ حرق السنّة ، ومنع من التحدّث بها ، وروايتها ، وعاقب على ذلك ، جاء بالقصّاصين وعيّنهم في المساجد ، حتّى يحدّثوا الناس ، وفرض لهم أيّاماً معيّنة.
روى الإمام أحمد عن السائب بن يزيد قال : « إنّه لم يكن يقصّ على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، ولا أبي بكر ، وكان أوّل من قصّ تميم الداري. استأذن عمر أنْ يقصّ على الناس قائماً ، فأذن له ورواه ابن شبّة في تاريخ المدينة (٢).
ويحب أنْ يُعلم أنّ أولئك القصّاصين الذين عيّنهم عمر ، كانوا أحباراً ورهباناً قبل مجيئهم إلى المدينة المنوّرة ، من أمثال كعب الأحبار ، ووهب بن منبّه ، وعبد الله بن سلام ، وتميم الداري ، وقد عيّن عمر بن الخطّاب لهم أيّاما في المسجد ، لكي يقصّوا على الناس قصصاً من الإسرائيليات.
في تاريخ المدينة : حدّثنا هارون بن معروف قال ، حدّثنا محمّد بن سلمة الحرّاني ، عن ابن إسحاق ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : خرج عمر إلى المسجد ، فرأى حلقاً في المسجد فقال : ما هؤلاء؟ فقالوا : قصّاص ، فقال : وما القصّاص؟ سنجمعهم على قاصّ يقصّ لهم في يوم سبت مرّة ، إلى مثلها من الآخر. فأمر تميم الداري (٣).
__________________
(١) المعجم الكبير ٤ : ٨٠.
(٢) مسند أحمد ٣ : ٤٤٩ ، تاريخ المدينة ١ : ١٢.
(٣) تاريخ المدينة ١ : ١١.