الأحبار والرهبان الذين تأسلموا ، إلا أنّ عمر قرّبهم ، وأدناهم ، واعتمد أقوالهم ، بدلاً من سنّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
روى البخاري في باب : قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : « لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء » وقال أبو اليمان : أخبرنا شعيب ، عن الزهري : أخبرني حميد بن عبد الرحمن : سمع معاوية يحدّث رهطاً من قريش بالمدينة ، وذكر كعب الأحبار فقال : إنْ كان من أصدق هؤلاء المحدّثين الذين يحدّثون عن أهل الكتاب ، وإنْ كنّا مع ذلك لنبلو عليه الكذب (١).
روى البخاري في الصحيح ، خرج رجل من بني سهم ، مع تميم الداري ، وعديّ بن بداء ، فمات السهميّ بأرض ليس بها مسلم ، فلمّا قدما بتركته ، فقدوا جاما من فضّة مخوصا من ذهب ، فأحلفهما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، ثمّ وجد الجام بمكّة ، فقالوا : ابتعناه من تميم ، وعديّ ، فقام رجلان من أوليائه ، فحلفا : لشهادتنا أحقّ من شهادتهما ، وأنّ الجام لصاحبهم (٢).
وبالتالي ، صار ادّعاء عمر الذي بسببه منع تدوين الحديث ، صار ذلك الأمر حقيقة ، فدخلت الإسرائيليات على كلام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حتّى أنّ أهل السنّة لمّا دوّنوا الحديث وضعوا تلك الإسرائيليات في كتبهم ، واعتبروها من كلام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويعتبرها المسلمون اليوم يعتبرونها سنّة نبويّة ، تقوم على أساسها أحكام شرعيّة عديدة ، مثل القدريّة ، والمرجئة ، والتجسيم ، وقضايا كثيرة ، كالطعن في عصمة الأنبياء ، وعصمة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والأهمّ من ذلك ، التناقضات في المئات من الأحاديث ، ممّا أدّى إلى ظهور ، الاجتهاد بالرأي ، والقياس والاستحسان ، وغير ذلك في عصر مبّكر جداً عند المسلمين.
__________________
(١) المصدر نفسه ٨ : ١٦٠.
(٢) صحيح البخاري ٣ : ١٩٨ ـ ١٩٩.