زهير بن سالم ، قال : قال عمر لكعب : ما أوّل شيء ابتداءه الله من خلقه؟ فقال كعب : كتب الله كتاباً لم يكتبه بقلم ولا مداد ، ولكن كتب بإصبعه ، يتلوها الزبرجد واللؤلؤ والياقوت : أنا الله ، لا إله إلاّ أنا ، سبقت رحمتي غضبي (١).
وقال السيوطيّ في الدرّ المنثور : وأخرج عبد بن حميد عن الحسن ، أنّ عمر قال لكعب : ما عدن؟ قال : هو قصر في الجنّة ، لا يدخله إلا نبيّ ، أو صدّيق ، أو شهيد ، أو حَكم عدل (٢).
وفي كنز العمّال ، عن أبي إدريس قال : قدم علينا عمر بن الخطّاب الشام فقال : إنّي أريد أنْ آتي العراق ، فقال له كعب الأحبار : أعيذك بالله يا أمير المؤمنين من ذلك! قال : وما تكره من ذلك؟ قال : بها تسعة أعشار الشرّ ، وكلّ داء عضال ، وعصاة الجنّ ، وهاروت وماروت ، وبها باض إبليس وفرخ (٣).
قد ذكرت لك عزيزي القارئ بعضاً من الروايات ، والتي تبيّن كيف كان عمر يتتلمذ على أيدي أولئك الأحبار كان يستطيع أنْ يعلم شيئا من الأشياء التي لم يعرفها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأنّه كان مشغولا بالصفق بالأسواق ، كما روى البخاري : فقال عمر : أخفى هذا عليّ من أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ ألهاني الصفق بالأسواق (٤). كان يستطع أنْ يعرف ذلك لو توجّه إلى أمير المؤمنين باب مدينة العلم سلام الله عليه ، ليسأله عن أيّ شيء يجهل حكمه ، لا أنْ يتوجه إلى أولئك الأحبار ، الذين يخلطون في الدين والسنّة ما ليس منهما فكانت النتيجة أنْ أدخل عمر على المسلمين أفكاراً جديدة ، كالقدريّة ، والمرجئة ، وغيرها من المعتقدات التي ما انزل الله بها من سلطان ، ومع أنّه كان واضحاً عند الصحابة كذّب أولئك
__________________
(١) المصدر نفسه ٣ : ٦.
(٢) المصدر نفسه ٤ : ٥٧.
(٣) كنز العمّال ١٤ : ١٧٣.
(٤) صحيح البخاري ٣ : ٧.