هذا هو الواقع الذي كان سائداً في حياة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ثُمّ إنّه لا يعقل أنْ يترك نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم معجزته الخالدة وقرآنه العظيم ، ويتوفى دون أنْ يهتمّ به أو يجمعه في مصحف واحد. كيف لا ، وهو دستور الأمّة ومنهج حياتها وسلوكها ، ولا أظنّ أنّ هناك أيّ إنسان عادي ليس بمستوى النبوّة والرسالة لو كان ألّف ، كتاباً معيّناً فإنّه لا يمكن أنْ يتركه متناثراً عند هذا وذاك دون أنْ يجمعه في مؤلّف واحد ، هذا أمر طبيعي نظري وعملي.
لقد أظهر علماء السنّة بأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ترك القرآن مفرّقاً من غير جمع ورعاية ، وهذا فيه طعن خطير لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، طعن في عصمته ، وطعن في اهتمامه بالمهمّة الرئيسة التي أرسله الله من أجلها ، لكنّهم ـ أي أهل السنّة ـ قبلوا ذلك ، وأجمعوا عليه ، وأظهروا للأمّة أنّ أبا بكر وعمر وعثمان كانوا أكثر اهتماماً من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالقرآن الكريم ، وأثبتوا في الأحاديث مناقب وفضائل لأولئك الصحابة الذين جعلوهم في كلّ شيء أفضل وأكمل من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأكثر اهتماماً بالشريعة ، وأكثر حرصاً على الدين والصلاة والأحكام ، وكذلك القرآن الكريم.
إنّ هذا الأمر خطير جدّاً ، ولا يجوز لاّيّ إنسان عاقل أنْ يعتقد به لأنّه طعن خطير في رسالة ونبوّة وعصمة النبيّ المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ثُمّ إنّ الوقائع التاريخية والأحداث أثبتت وجود المصحف الشريف مجموعاً كاملاً عند عليّ بن أبى طالب عليهالسلام ، ومجموعة كبيرة من الصحابة ، وذلك بأمر من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد جمعه أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام كاملاً ، وتوفي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو مجموع كاملاً كما أسلفنا في الروايات السابقة ، وهذه كانت منقبة عظيمة لأمير المؤمنين عليهالسلام ، وكلّنا قد قرأ الحديث الذي يقول : « عليّ مع القرآن