لاحظوا كيف أنّ سائل استنكر على الرواي أنْ يكون رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر بالوصيّة ولم يوصِ هو لأحد ، ونتيجة لإلحاح السائل ، عاد الراوي فأقرّ بأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قد أوصى.
اُنطر إلى أحاديثهم كيف ينكرون فيها أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد أوصى وخالف أحكام ربّه ، بينما أبو بكر أوصى لعمر!
روي في كنز العمّال ، عن إبراهيم النخعي ، ذكر أنّ زبير وطلحة يشدّدان في الوصيّة على الرجال ، فقال : وما كان عليهما أنْ لا يفعلا ، توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فما أوصى ، وأوصى أبو بكر (١).
هذا الادّعاء الشديد موجود للأسف عند جميع طوائف ومذاهب المسلمين المختلفة ، وهو أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يوصِ لأحد بعده ، ما عدا ما عند الفرقة الناجية ، أتباع مذهب الإماميّة ، مذهب أهل البيت عليهمالسلام ، والذين يؤكّدون على أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أوصى لأمير المؤمنين عليّ بن أبى طالب.
ومن العجيب جدّاً أنّ موضوع الوصاية لأمير المؤمنين عليّ بن أبى طالب عليهالسلام له عشرات الأدلّة الصحيحة ، ومنها المتواترة القطعية ، ممتلئة بها صحاح وسنن أهل السنّة والجماعة ، ويكفيك منها حديث الطير ، وحديث الدار ، وحديث الغدير ، وحديث الثقلين ، وحديث المنزلة ، وحديث الولاية ، بالإضافة إلى الآيات العديدة ، كآية الولاية ، وآية المباهلة ، وآية التطهير ، وآية المودّة والتي سوف نقوم بسردها وتفصيلها في الأبحاث القادمة من خلال هذا البحث ، وكلّ هذه الآيات والأحاديث تشير بصريح العبارة وبشكل واضح جليّ على أمر الوصاية والإمامة لأمير المؤمنين عليهالسلام ، والأئمّة من العترة الطاهرة عليهمالسلام من بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
في البداية أودّ التطرّق لبعض الآيات ومعانيها وأسباب نزولها حسب
__________________
(١) كنز العمّال ١٦ : ٦٢٥.