كانت إلّا عجوزاً قد أبدلك الله خيراً منها ، فغضب حتىٰ اهتزّ مقدم شعره من الغضب ، ثم قال : « لا والله ما أبدلني خيراً منها ، آمنت بي إذ كفر الناس ، وصدّقتني إذ كذّبني الناس ، وواستني في مالها إذ حرمني الناس ، ورزقني الله منها أولاداً دون غيرها من النساء » قالت عائشة : فقلت في نفسي : لا أذكرها بعدها بسبّة أبداً (١).
وفي هذا النص دليل واضح علىٰ أفضليتها عليهاالسلام علىٰ سائر أزواج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وكونها أحبهن الىٰ قلبه الشريف.
ففي هذا البيت الذي اختاره الله سبحانه مهبطاً للوحي ومقراً للنبوة لتبليغ رسالته والانذار بدعوته ، ولدت ونشأت وترعرت الزهراء عليهاالسلام بين أقدس زوجين في ذلك العالم الذي يلفّه الظلام والضلال ، فكان البيت بما يحتويه من عميده النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وزوجته خديجة الكبرىٰ ، وابن عمه الوصي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وابنته الطاهرة الصديقة ( سلام الله عليهم أجمعين ) هالةً من النور وبيرقاً للهداية ، وماهي إلّا سنين قلائل حتىٰ تبدّدت سحب الضلال بنور الإيمان ، وشملت راية التوحيد أمُّ القرىٰ وماحولها.
قال الشاعر :
شبت بحجر رسول الله فاطمة |
|
كما تحـبّ المعالي أن تلاقيها |
وفي حمى ربّة العليا خديجة قد |
|
نشت كما الطهر والآداب تشهيها |
ونفسها انبثقت من نفس والدها |
|
وأُمّها فهـي تحكيـه ويحكيها (٢) |
اختلف المحدثون والمؤرخون عند الفريقين في تاريخ ولادة
_______________________
١) الاستيعاب / ابن عبدالبر ٤ : ٢٨٧ بهامش الاصابة. الاصابة ٤ : ٢٨٣.
٢) الأبيات من القصيدة العلوية للشاعر عبدالمسيح الأنطاكي : ٩٥ ـ مصر.