فلا يمكن القول بأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم يغضب لغضب بضعته ، إلّا إذا قلنا بعصمتها عن الذنب والخطأ.
وقد استدلّ أعلام الإمامية بهذا الحديث علىٰ عصمة فاطمة عليهاالسلام ، قال الشيخ المفيد رحمهالله : ( فلولا أنّ فاطمة عليهاالسلام كانت معصومة من الخطأ ، مبرّأة من الزلل ، لجاز منها وقوع مايجب أذاها به بالأدب والعقوبة ، ولو وجب ذلك لوجب أذاها ، ولو جاز وجوب أذاها ، لجاز أذىٰ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والأذىٰ لله عزّ وجل ، فلمّا بطل ذلك ، دلّ علىٰ أنّها كانت معصومة ) (١).
وقال السيد المرتضىٰ رحمهالله : ( هذا يدلّ علىٰ عصمتها ؛ لأنّها لو كانت ممن يقارف الذنوب ، لم يكن من يؤذيها مؤذياً له صلىاللهعليهوآلهوسلم علىٰ كلّ حال ، بل كان متىٰ فعل المستحقّ من ذمّها وإقامة الحدّ عليها ـ إن كان الفعل يقتضيه ـ ساراً له صلىاللهعليهوآلهوسلم ومطيعاً ) (٢).
لقد اقترن حديث البضعة المتقدم بحكاية موضوعة لا تتناسب مع جلالة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقدسية أهل بيته عليهمالسلام ، افتعلها أعداؤهم للنيل منهم والحطّ من منزلتهم العظيمة في نفوس المسلمين بغضاً وحسداً لما آتاهم الله تعالىٰ من فضله الكريم ، وفيما يلي نورد بعض ألفاظ تلك الحكاية الموضوعة والمتناقضة.
روىٰ البخاري ومسلم باسنادهما عن المسور بن مخرمة ، قال : إنّ علياً عليهالسلام خطب بنت أبي جهل ، فسمعت بذلك فاطمة ، فأتت رسول
_______________________
١) الفصول المختارة : ٥٦ ـ دار الأضواء.
٢) الشافي / السيد المرتضىٰ ٤ : ٩٥ ـ مؤسسة الصادق ـ طهران. وتلخيص الشافي / الطوسي ٣ : ١٢٣. وشرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد ١٦ : ٢٧٢.