وقد جعلنا ما حاولته في الكراع والسلاح ، يقاتل به المسلمون ، ويجاهدون الكفار ، ويجالدون المَرَدَة الفُجّار ، وذلك باجماع من المسلمين ، لم أتفرد به وحدي ، ولم استبدّ بما كان الرأي فيه عندي ، وهذه حالي ومالي هي لك وبين يديك ، لا تزوىٰ عنك ، ولا تُدّخر دونك ، وأنت سيدة أُمّة أبيك ، والشجرة الطيبة لبنيك ، لا يدفع ما لكِ من فضلك ، ولا يوضع من فرعك وأصلك ، وحكمك نافذ فيما ملكت يداي ، فهل ترين أني أُخالف في ذلك أباك صلىاللهعليهوآلهوسلم ؟
« سبحان الله ! ما كان أبي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن كتاب الله صادفاً ، ولا لأحكامه مخالفاً ، بل كان يتّبع أثره ، ويقفو سوره ، أفتجمعون علىٰ الغدر اعتلالاً عليه بالزور ؟! وهذا بعد وفاته ، شبيه بما بُغي له من الغوائل في حياته.
هذا كتاب الله حَكَماً عدلاً ، وناطقاً فصلاً ، يقول : ( يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) (١) ويقول : ( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ )(٢) فبيّن عزّ وجل فيما وزّع من الأقساط ، وشرّع من الفرائض والميراث ، وأباح من حظّ الذُّكران والإناث ، ما أزاح علّة المبطلين ، وأزال التظنّي (٣) والشُّبهات في الغابرين ، كلا ( بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ ) (٧) ».
_______________________
١) سورة مريم : ١٩ / ٩.
٢) سورة النمل : ٢٧ / ١٦.
٣) إعمال الظنّ.
٤) سورة يوسف : ١٢ / ١٨.