وعبّر أمير المؤمنين عليهالسلام عن تلك المظلومية حينما فرغ من دفن الزهراء عليهاالسلام ، حيث هاج به الحزن ، فأرسل دموعه علىٰ خديه ، وحوّل وجهه إلىٰ قبر أخيه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : « السلام عليك يا رسول الله ، عنّي وعن ابنتك النازلة في جوارك ، والبائنة في الثرىٰ ببقعتك ، والمختار الله لها سرعة اللحاق بك.
إلىٰ أن قال : وإلىٰ الله أشكو ، وستنبئك ابنتك بتضافر أُمتك علىٰ هضمها ، فأحفها السؤال ، واستخبرها الحال ، فكم من غليلٍ معتلجٍ بصدرها لم تجد إلىٰ بثّه سبيلاً ، وستقول ويحكم الله وهو خير الحاكمين.
إلى أن قال : واهاً واهاً ! والصبر أيمن وأجمل ، ولولا غلبة المستولين لجعلت المقام واللبث عندك لزاماً معكوفاً ، ولأعولت إعوال الثكلىٰ علىٰ جليل الرزية ، فبعين الله تُدفَن ابنتك سرّاً ، ويُهضَم حقّها قهراً ، ويُمنَع إرثها جهراً ، ولم يطل العهد ، ولم يخلق منك الذكر ، فإلىٰ الله يا رسول الله المشتكىٰ ، وفيك يا رسول الله أجمل العزاء ، صلّىٰ الله عليك وعليهاالسلام والرضوان (١).
وقام عليهالسلام علىٰ شفير القبر فقال :
لكلِّ اجتماعٍ من خليلين فرقة |
|
|
|
وكلّ الذي دون الفراق قليلُ |
|
_______________________
١) أمالي المفيد : ٢٨١ / ٧. وأمالي الطوسي : ١٠٩ / ١٦٦. والكافي / الكليني ١ : ٤٥٨ / ٣. وبحار الأنوار ٤٣ : ١٩٣ / ٢١ و ٢١٠ / ٤٠. وراجع : نهج البلاغة / صبحي الصالح : ٣١٩ الخطبة ٢٠٢. وشرح ابن أبي الحديد ١٠ : ٢٦٥ / ١٩٥. وتذكرة الخواص / سبط ابن الجوزي : ٣١٩ ـ ٣٢٠. وكشف الغمة / الاربلي ١ : ٥٠٤ ـ ٥٠٥.