مسؤوليتها ، وكادت تلك المطالبة أن تؤدي اُكلها فتصفّي الحساب مع السلطة ، لولا أنهم سدّوا جميع الطرق التي تستحقّ بها تلك الحقوق ، لادراكهم بأنهم لو صدّقوا الزهراء عليهاالسلام في هذه القضية فانها ستبدأ جولة جديدة تطالب فيها بالخلافة.
ثم إن الزهراء عليهاالسلام لو سكتت عن مظلوميتها ولم تطالب بحقها لصار السكوت علىٰ الظالمين والتغاضي عن الحق سُنة ، ذلك لأنها عليهاالسلام قدوة واُسوة ، وإن فعلها لايتجافىٰ عن الحق لذلك اندفعت الىٰ ميدان الصراع ، وسلكت معترك الطريق ، ووقفت بكل مالديها من قوة بوجه الظلم لاسترداد حقها السليب ، مع ما بها من الضعف والانكسار والحزن والألم ، فأثبتت أن المرأة قادرة علىٰ الدفاع عن حقّها بل وحقّ غيرها ، وصارت فاطمة الزهراء عليهاالسلام راية المقاومة للظلم والدفاع عن المظلوم في كلّ زمان ومكان.
بعد أن دُفعت الزهراء عليهاالسلام عن جميع حقوقها المالية في نحلتها وإرثها من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وسهمها من الخمس ، اتخذت موقفاً حاسماً من الشيخين ، يدلّ علىٰ ظلامتها وكونها مخاصمة غير راضية عنهما حتىٰ لقيت ربّها وهي في ريعان الشباب وزهرة الصبا.
وقد قدّمنا أن الرواة اتفقوا علىٰ أن فاطمة عليهاالسلام غضبت علىٰ أبي بكر وعمر وهجرتهما ولم تكلمهما حتىٰ توفيت وهي ساخطة عليهما ، وأوصت أمير المؤمنين عليهالسلام أن لايحضرا جنازتها ، ولا يصليا عليها ، وأن يُعفّىٰ قبرها ، فلمّا توفيت دفنها أمير المؤمنين ليلاً ، ولم يؤذن بها أحداً ممن ظلمها.